ansaralemamalmahde
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
بحـث
 
 

نتائج البحث
 

 


Rechercher بحث متقدم

سحابة الكلمات الدلالية

منهجية  الحوثي  السيدحسين  عاشوراء  الله  الارهاب  الدعاة  

المواضيع الأخيرة
» حللتم اهلا ونزلتم سهلا
دروس من هدي القران  ذكرىاستشهادالإمام علي عليه السلام Emptyالجمعة أكتوبر 06, 2023 3:01 pm من طرف فاضل عيدان

» وكان من دعائه علبه السلام
دروس من هدي القران  ذكرىاستشهادالإمام علي عليه السلام Emptyالسبت مايو 28, 2022 3:27 pm من طرف فاضل عيدان

» جمعــــة مباركـــــة
دروس من هدي القران  ذكرىاستشهادالإمام علي عليه السلام Emptyالجمعة أكتوبر 22, 2021 3:57 pm من طرف فاضل عيدان

» قصيدةالمولدالنبوي الشريف
دروس من هدي القران  ذكرىاستشهادالإمام علي عليه السلام Emptyالخميس نوفمبر 22, 2018 4:38 pm من طرف فاضل عيدان

» ضآءت لمولده الآفاق
دروس من هدي القران  ذكرىاستشهادالإمام علي عليه السلام Emptyالخميس نوفمبر 22, 2018 4:15 pm من طرف فاضل عيدان

» هويتناالإيمانيةسرصمودنا
دروس من هدي القران  ذكرىاستشهادالإمام علي عليه السلام Emptyالخميس نوفمبر 22, 2018 4:09 pm من طرف فاضل عيدان

» ثورة الامام الخميني(ق س)
دروس من هدي القران  ذكرىاستشهادالإمام علي عليه السلام Emptyالأحد أكتوبر 28, 2018 3:59 pm من طرف فاضل عيدان

» السيدةخديجةبنت خويلد
دروس من هدي القران  ذكرىاستشهادالإمام علي عليه السلام Emptyالأحد فبراير 25, 2018 4:25 pm من طرف فاضل عيدان

» اللهم صلي على محمدوال محمد
دروس من هدي القران  ذكرىاستشهادالإمام علي عليه السلام Emptyالجمعة أبريل 07, 2017 4:56 pm من طرف فاضل عيدان

مايو 2024
الإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبتالأحد
  12345
6789101112
13141516171819
20212223242526
2728293031  

اليومية اليومية


دروس من هدي القران ذكرىاستشهادالإمام علي عليه السلام

اذهب الى الأسفل

دروس من هدي القران  ذكرىاستشهادالإمام علي عليه السلام Empty دروس من هدي القران ذكرىاستشهادالإمام علي عليه السلام

مُساهمة من طرف فاضل عيدان الخميس يوليو 17, 2014 10:57 pm

#ذكرى_استشهادالإمام_علي_عليه_ السلام#
دروس من هدي القرآن الكريم
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي
بتاريخ: 19/رمضان/1423هـ
اليمن ـ صعدة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد، وصلى الله وسلم على أمير المؤمنين وسيد الوصيين، خليفة رسول رب العالمين، الإمام علي بن أبي طالب، وعلى أهل بيت رسول الله، ورضي الله عن شيعتهم الأخيار في كل زمان ومكان.
السلام عليكم أيها الأخوة ورحمة الله وبركاته
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل منا جميعاً أن يتقبل منكم مشاركتكم بهذا الحضور الكبير لنحيي ذكرى حزينة، لنتحدث عن مأساة، مأساة للدين، مأساة للأمة، إنها فعلاً لذكرى حزينة، وكيف لا نحزن والرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) قد قال في حديثٍ أن ذلك الذي يقتل الإمام علي ابن أبي طالب (صلوات الله عليه) هو أشقى الأمة، جلب الشقاء على هذه الأمة من ذلك الزمان إلى اليوم.
الإمام علي عليه السلام بفضله بمقامه، بسبقه، بكماله، بعنائه الكبير، وجهاده المستمر المرير في سبيل إعلاء كلمة الله، تحت راية رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله).
كيف لا تكون ذكرى حزينة أن نرى ذلك البطل، ذلك العظيم، ذلك العَلَم يسقط شهيداً، هل كان سقوطه ذلك في مواجهة مع أعداء الإسلام فكان السيف الذي قُتِل به من خارج هذه الأمة؟. إنه وللأسف الشديد، والذي يدل على الشقاء الذي وقعت فيه هذه الأمة أن الإمام علي صلوات الله عليه يسقط شهيداً في عاصمة دولته، في باب محرابه، في فِنَاءِ مسجده، وسط هذه الأمة، وبسيفٍ محسوب على هذه الأمة، وبمؤامرات من قبل من أصبح فيما بعد خليفة يحكم هذه الأمة، والكل تحت عنوان [إسلام ومسلمين].
إن هذا يدل على ماذا؟. يدل على انحراف عن الخط السوي، عن الصراط المستقيم ؛لأن من المعلوم أن دعوة رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، أن رسالته، أن تربيته، أن منهجيته كانت بالشكل الذي تخلق ساحة للعظماء، تخلق أمناً للعظماء، تخلق التفافاً تحت رايات العظماء لا أن يصير الحال إلى أن نرى أولئك العظماء يتساقطون واحداً تِلوَ الآخر داخل هذه الساحة، فالإمام علي (عليه السلام) يسقط شهيداً، والإمام الحسن عليه السلام يسقط بعده شهيداً، والإمام الحسين عليه السلام يسقط بعده شهيداً، والإمام زيد عليه السلام يسقط بعده يسقط شهيداً وهكذا واحداً تِلوَ الآخر، ما الذي حصل؟. إن لم يكن في هذا ما يدل على أنه وقع انحراف خطير فلا أدري ما هو الشيء الذي يمكن أن يدل بعد هذا.
الذي يتأمل كتاب الله يجده يأمر الأمة يأمر المسلمين أن يكونوا مع الصادقين، فلماذا أصبح الصادقون يتساقطون واحداً تلو الآخر؟!. ولماذا أصبحت تلك الأمة التي خُوطِبَت بأن تكون مع الصادقين تعتدي على هؤلاء، وفي نفس الوقت التفوا مع الكاذبين، يسقط الإمام علي (عليه السلام) شهيداً وتلتف الأمة بعده ـ رغبة ورهبة ـ تحت راية معاوية وفي صف معاوية.
هل كان ذلك وليد تلك اللحظة، وليد ذلك الشهر الذي سقط فيه الإمام علي (عليه السلام) شهيداً؟. لا. إنه الانحراف الذي بدأ في يوم السَّقِيفَة، والذي يرى البعض بل ربما الكثير يرون في تلك البداية وكأنها بداية لا تشكل أية خطورة، لكن شاعراً كـ[الهَبَل] مرهف الحِس، عالي الوَعي، راسخ الإيمان، يمتلك قدرة على استقراء الأحداث وتسلسل تبعاتها يقول في كلمة صريحة في بيت صريح :
وكل مُصابٍ نَالَ آل محمدٍ فليس سوى يوم السَّقِيفَة جَالبُه
عندما نرى الإمام علياً (عليه السلام) يسقط شهيداً فلا يكفي أن نحزن، لا يكفي أن نبكي، لا يكفي أن نتألم بل لا بد أن نأخذ العبرة، أن نتساءل: لماذا نرى الصادقين يسقطون شهداء داخل هذه الأمة؟؟. ولماذا رأينا فيما بعد وعلى امتداد التاريخ الكاذبين الظالمين الطغاة المحرفين للدين، المنتهكين لحرمات الله هم من يحكمون هذه الأمة؟؟!. وباسم رسالة هذه الأمة [الإسلام]، وباسم رسول هذه الأمة [خليفة رسول رب العالمين، أمير المؤمنين] وعناوين من هذه؟.
سنظل نحزن نحن وغيرنا، ونظل نبكي نحن وغيرنا ما لم تكن نظرتنا للأحداث على هذا النحو، وسنظل نشاهد الأحداث المريرة، ونتألم لحادث بعينه للفترة التي هو فيها، دون أن نأخذ العبر ودون أن نأخذ الدروس، إن هذا يعتبر خللاً كبيراً لا يمكن للأمة أن تعرف كيف ترسم طريقها، لا يمكن للأمة أن تعرف كيف تسلك المنهج الذي تمثل بسلوكه الالتفاف مع الصادقين، الانضواء تحت رايات أعلام الدين، لا بد من استقراء الأحداث، لا بد من معرفة الأسباب ، لابد من معرفة الخلفيات.
وهذه قضية ليست جديدة، نحن عندما نربط سقوط الإمام علي (عليه السلام) شهيداً بحادثة السقيفة على الرغم من قربها فليست قضية مستبعدة فنحن نسمع اليوم من يقولون عن اليهود: إن الذي جعل اليهود على هذا النحو يتعاملون مع هذه الأمة بهذه القسوة هو ثقافتهم، هو تأثراً بثقافتهم تلك الثقافة التي عمرها قرون طويلة قد لا تقل عن ثلاثة آلاف سنة، فعندما تسمع محللين من هذا النوع يقولون لك :إن تلك الثقافة قبل قرون من الزمن هي التي جعلت اليهود على هذا النحو في نظرتهم للبشرية، في تعاملهم مع الأمم، في انزوائهم على أنفسهم بأرواح شريرة، بقسوة بالغة، بنظرة ملؤها الحقد والكراهية للبشرية وبالذات للمسلمين إنما ذلك نتيجة انحراف حدث قبل قرون؛ لأن ما هم عليه الآن ليس امتداداً لشريعة موسى عليه السلام في أصلها في جوهرها في حقيقتها، ولا تطبيقاً لشريعة عيسى عليه السلام بالنسبة للمسيحيين في أصلها وجوهرها وحقيقتها وما تدعو إليه ، لا يمكن لدين من أديان الله سبحانه وتعالى أن يكون أثره في أمة من الأمم على هذا النحو الذي نرى عليه اليهود اليوم، على هذا النحو الذي نرى عليه النصارى اليوم، إذاً فالكل متفقون، بل لقد سمعنا بعض المحللين من قساوسة المسيحيين يقول: إنما جعل المسيحيين على هذا النحو هو تأثر بثقافة يهودية اخترقت صفوف المسيحيين. فقال: [لدينا مسيحيين يهود، وأنتم عندكم مسلمين يهود لكنكم لا تجرءون على أن تقولون هذا، فكما لدينا مسيحيين يهود أنتم لديكم أيضاً مسلمين يهود] ؛لأن اليهود عملوا في الخطين داخل المسيحيين من قبل وداخل هذه الأمة وما زالوا يعملون على هذا النحو إلى اليوم.
[ الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
بهذه الطريقة وبهذا الأسلوب نحن نجيب على تساؤل أو نطرح تساؤل :لماذا استشهد الإمام علي (عليه السلام)؟؟. لماذا قُتل الإمام علي (عليه السلام) وعلى هذا النحو: في المسجد، في شهر رمضان، في ليلة القَدْر، بسيف محسوب على المسلمين، رجل محسوب على هذه الأمة، وبمؤامرة شخص حكم فيما بعد هذه الأمة؟!!. إنه الانحراف السابق، الانحراف الذي أدى إلى ماذا؟. على الرغم من تأكيدات الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) لأولئك الذين كانوا على يقين من صدقه، كانوا على يقين من نبوته، كانوا على يقين من حرصه على المؤمنين، كانوا على يقين من حرصه على هداية هذه الأمة، وأن لا ترتد هذه الأمة، وأن لا يسيطر الضلال على هذه الأمة، ولقد قال لهم (صلوات الله عليه وعلى آله) : ((علي مع القرآن، والقرآن مع علي)). وقال لهم أيضاً وقال للناس جميعاً من بعدهم ((إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبداً كتاب الله وعترتي أهل بيتي إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يَرِدَا عليّ الحوض)) والإمام علي عليه السلام هو رأس أهل البيت عليهم السلام.
[ الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
هكذا قال لهم الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله)، لنأتِ إلى حديث واحد هو قوله (صلوات الله عليه وعلى آله): ((علي مع القرآن، والقرآن مع علي)) حتى يتجلى لنا أن تلك الإنزلاقة التي يراها البعض أنها لم تشكل خطورة على الإسلام والمسلمين أنها في واقعها كانت على هذا النحو، نحن متأكدون والمسلمون جميعاً يعرفون أن الإمام عليا (عليه السلام) أُقْصِيَ، أُزِيْحَ، أُبْعِدَ عن المقام الذي اختصه به الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) وحل محله أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان فعندما نرى الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) يقول: ((علي مع القرآن، والقرآن مع علي)) فعندما يُقْصَى الإمام علي عليه السلام على جنب فبالتأكيد أن القرآن أُقصِيَ معه أيضاً ؛لأنه قرين القرآن لا يمكن أن تتصور أن أحداً من الناس بإمكانه أن يُقصيَ الإمام علي (عليه السلام) جانباً ويبقى القرآن يعمل ,ويبقى القرآن حياً، ويبقى هو مطبقاً للقرآن، ويبقى هو على منهجية القرآن لا يمكن ذلك، لو قلنا بذلك لكنا مكذبين بهذه المقارنة المؤكدة الصريحة التي قالها الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) في هذا الحديث المتواتر المعروف عند الجميع ((علي مع القرآن، والقرآن مع علي)).
وعندما يُقصى الإمام علي (عليه السلام) ففي الواقع أُقصيَ القرآن معه على جنب، أليس هذا انحراف خطير؟. لهذا كان طبيعياً بعد ذلك الانحراف أن نرى العظماء، أعلام الدين، الصادقين يسقطون واحداً تلو الآخر داخل هذه الأمة، ونرى الكاذبين المنحرفين هم من يَلُوا أمر هذه الأمة، هم من يتحكموا في شئون هذه الأمة، هم فيما بعد تحكموا في هذا الدين فقدموه بشكل آخر، يصبح هذا طبيعياً، أن ترى معاوية يحكم البلاد الإسلامية، بعد أن رأيت أمير المؤمنين قرين القرآن سقط شهيداً في محرابه ؛لأنه: لولا أبو بكر لما كان عمر، لولا عمر لما كان عثمان، لولا عثمان لما كان معاوية، هذا شيء مؤكد لا شك فيه.
ماذا يفيدنا هذا؟. بالنسبة لنا سنرجع إلى نفس الحديث ((علي مع القرآن، والقرآن مع علي)) وسنظل مع الإمام علي عليه السلام أينما كان، نظل مع منهجية الإمام علي عليه السلام أينما كان حتى وإن كان قد أُقصيَ، نحن لا نلتفت إلى الكراسي، إلى العروش، إلى القصور،فمن وجدناه في سُدَّة الحكم قلنا ذلك أمير المؤمنين، من وجدناه في قصر الخلافة قلنا ذلك خليفة رسول رب العالمين.لا، أمير المؤمنين، خليفة رسول رب العالمين، قرين القرآن هو ذلك الرجل الإمام علي عليه السلام يوم أُقصِي ويوم عاش سنيناً طويلة يعيش مرارة الألم وهو يرى هذه الأمة يبدأ الانحراف يَلتَهِم قِيَمها، ويحطم عظمة مبادئها، ثم في الأخير يسقط شهيداً في محراب عبادته.
لنقل لأنفسنا مهما طَبّل الآخرون فقالوا عن أولئك : [الصّديق، الفاروق، ذي النورين، كاتب الوحي] عناوين من هذه، ألقاب ضخمة من هذه لا نغتر بها أبداً ؛لأن كل هؤلاء [صديقهم، فاروقهم، أنوارهم وكاتب الوحي] -كما يقولون- نحن جميعاً لا نشك أنهم أقصوا الإمام علي (عليه السلام)، وأنهم سمعوا جميعاً أن الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) قال: ((علي مع القرآن، والقرآن مع علي)) وقال (صلوات الله عليه وعلى آله) : ((علي مع الحق، والحق مع علي)) وقال (صلوات الله عليه وعلى آله) ((أنت مني بمن‍زلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي)) وقال (صلوات الله عليه وعلى آله) ((من كنت مولاه فهذا علي مولاه)) وقال (صلوات الله عليه وعلى آله) ((لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق)) أحاديث كثيرة من هذا القبيل سمعوها وعلموها وسمعناها نحن من بعدهم، وسمعها أيضاً أشياعهم من بعدهم أولئك الذين قدموهم من بعد باسم [السلف الصالح] أطلقوا على أولئك هذا اللقب الكبير [السلف الصالح] وقالوا [نتمسك بسيرة السلف الصالح) [نتمسك بمنهجية السلف الصالح]. لقد رسم الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) القدوة لنا، والعَلَم لنا، والسلف الصالح لنا في هذه الأحاديث التي يعرفها علماء المسلمين، يعرفها المحدثون، يعرفها الكثير من المثقفين، ولربما يسمعها الكثير أيضاً من عامة الناس في كل زمان ومكان.
[ الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
إذاً سنرجع إلى الإمام علي عليه السلام باعتباره قرين القرآن، ولا يمكن بحال أن نتأثر بتلك الضجة الإعلامية وبذلك الإرهاب الثقافي الذي يفرضه الآخرون ؛لأننا نجدهم هم ونجد أنفسنا أيضاً لو استجبنا لهم سنصطدم بمثل هذه الأحاديث، سنصطدم بالقرآن، سنصطدم بالرسول (صلوات الله عليه وعلى آله)، نصطدم بالواقع أيضاً.
فعندما نرى الإمام عليا (صلوات الله عليه) نرى فيه المنهجية التي سار عليها الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) ، نرى فيه القرآن الناطق كما قال هو عن نفسه. إذاً فلنستنطق الإمام علي (عليه السلام) فيما يتعلق بقضايانا ، الأحداث التي مر بها الإمام علي (عليه السلام)، المواقف التي سار عليها الإمام علي (عليه السلام)، التوجيهات التي أطلقها الإمام علي عليه السلام فيما يتعلق بتصحيح عقائدنا، فيما يتعلق بترسيخ إيماننا، ترسيخ القيم والمبادئ الإسلامية التي جاء بها كتابنا ورسولنا (صلوات الله عليه وعلى آله) .
ففي موضوع الشهادة مثلاً لقد كان الإمام علي (عليه السلام) على علم عن رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) يوم أن أخبره بأن: لحيته سَتُخْضَب من دم رأسه، هذا الخبر لو يأتي لشخص منا ربما قد يكون مزعجاً، لو يأتي هذا الخبر لشخص منا قد ينظر إلى ما حوله ينظر إلى أسرته إلى أولاده إلى ممتلكاته إلى مظاهر الحياة من حوله فيبدوا متأسفاً ويودع نفسه حيناً بعد حين وينتظر متى يخضب دم رأسه لحيته، لكن الإمام عليا (عليه السلام) كان يهمه شيء واحد، كيف أجاب على الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) ؟. قال: ((يا رسول الله أفي سلامة من ديني؟. قال: نعم. قال: إذاً لا أبالي)).
الإمام علي (عليه السلام) عندما يقول هذه العبارة يعطينا إشارة مهمة جداً، وكأنه يلحظ من خلال ما يسمع من رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) أنه سيحصل ضلال، سيحصل انحراف، ستحصل فتن، يهم أي إنسان حريص على سلامة نفسه أن يبحث عن سلامة دينه وأن يحرص على سلامة دينه، لو كانت الأمور عند الإمام علي عليه السلام وفي رؤيته -عندما قال لـه الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) هذا الكلام- أن هذه الرسالة ستمشي بشكل طبيعي، وسيكون الناس كلهم يسيرون بشكل صحيح جيلاً بعد جيل لما سأل الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) ((أفي سلامة من ديني؟))، ناهيك عما إذا كان قد قال لـه أن الذي سيقتله هو أشقى هذه الأمة، أي هو من هذه الأمة، وهو من يجلب الشقاء على هذه الأمة، وشبهه بعاقر ناقة ثمود الذي جلب الشقاء على تلك الأمة فجعلها تستحق عذاباً شديداً من الله، استأصل تلك الأمة بأكملها.
((أفي سلامة من ديني يا رسول الله؟)) ما أحوجنا إلى هذه المشاعر.
تجد الإمام عليا (عليه السلام) قد تأكد أيضاً بأنه فعلاً كان قريناً للقرآن وما يزال قريناً القرآن ؛لأن هذا هو منطق القرآن نفسه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (آل عمران:102) أليس هذا توجيه يحث كل واحد منا على أن يكون حريصاً على أن يسلم له دينه؟، وأن يكون كل ما يهمه هو أن يسلم له دينه، على الرغم من كل ما يواجهه، على الرغم من أي شيء يمكن أن يواجهه حتى وإن كان خبراً مؤكداً على نحو ما جاء للإمام علي (صلوات الله عليه): ((ستخضب هذه من هذا)) وأشار إلى لحيته ورأسه؟. ومن خلال هذا نعرف موقعنا نحن من القرآن ومن قرين القرآن، عندما نجد الكثير منا، الغالبية العظمى منا يضحي بدينه من أجل احتمال أن تسلم لـه دنياه، لاحتمال أن تسلم لـه قدماه ناهيك عن رأسه، لاحتمال أن يبـيت ليلة في سجن من السجون، لاحتمال أن يضحي بمبلغ من المال في سبيل إعلاء كلمة ربه، أليس كثير من الناس على هذا النحو؟.
[ الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
كأننا نقول للقرآن نفسه عندما يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ}(الصف: من الآية14ه) أفي سلامة من دنيانا يا قرآن الله؟. عندما يقول {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (آل عمران: من الآية104) نقول: حاضر لكن هل في سلامة من دنيانا ورؤوسنا وأقدامنا وأيدينا يا كتاب الله؟. إن كل إنسان يتولى الإمام عليا عليه السلام، إن كل إنسان مصدق برسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) وبكتاب الله يجب أن تكون مشاعره على هذا النحو الذي كان يسيطر على مشاعر الإمام علي (عليه السلام) عندما قال: ((أفي سلامة من ديني يا رسول الله؟. قال: نعم. قال:إذاً لا أبالي)). ولقد كان يقول: ((والله لا أبالي أوقعت على الموت أو وقع الموت عليّ)) إن كل ما يهمه هو أن يسلم له دينه، فلتخضب دماء رأسه لحيته، وليتقطع إرباً وليكن ما كان ما دام دينه سالماً لـه.
وهذه هي الرؤية الصحيحة، هذه هي السلامة لمن يبحث عن السلامة، الإنسان لا يمكن أن يسلم إذا لم يسلم لـه دينه لا في دنياه ولا في آخرته، ما الذي جعلنا نُظلم؟ ما الذي جعلنا نُقهر ونحن ملايين؟. نمتلك الإمكانيات الكبيرة، نمتلك الجيوش، نمتلك الثروات الضخمة والهائلة في باطن الأرض وظاهرها، نمتلك رقعة استراتيجية مهمة؟؟ ؛لأن ديننا لم يسلم لنا فوجدنا أنفسنا لم نسلم من الذل، لم نسلم من القهر لأننا لم نفكر تفكير قرين القرآن ((أفي سلامة من ديني؟))، وحينها عندما تنطلق لتبحث عن السلامة بنفسك وأنت لا تفكر أن يسلم لك دينك فلن تسلم لك نفسك، لن يسلم عِرْضك، لن تسلم كرامتك، وفي الأخير لن تسلم أنت في الآخرة يوم تلقى الله سبحانه وتعالى، لن تسلم سوء الحساب، لن تسلم نار جهنم.
إنها الرؤية الحكيمة وليست رؤية ذلك الذي يفكر في ممتلكاته القليلة، يفكر في نفسه هو فيرى نفسه أغلا من الدين بكله، يرى نفسه أغلا من نفس الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) ، أغلا من نفس الإمام علي (عليه السلام)، أغلا من نفس الإمام الحسن (عليه السلام)، أغلا من نفس الإمام الحسين (عليه السلام). متى يمكن أن يكون لإنسان يفكر هكذا تفكير قيمة عند الله؟ متى يمكن أن يُمنح إنسان على هذا النحو عزة من الله؟ لا، إنه بهذا التفكير يُعتبر تجسيداً صادقاً لمن يَعْشُ عن ذكر الرحمن {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} (الزخرف:36) .
كم هو الفارق بين أن تكون في الاتجاه الذي يمنحك الله فيه العزة، ويمنحك الله فيه القوة والتأييد، يمنحك الله فيه سلامة آخرتك وإن لم تسلم دنياك؟ كم هو الفارق بين واقع شخص على هذا النحو وبين شخص يُقَيِّض لـه الله شيطاناً يصبح قريناً لـه{وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ} (الزخرف:37) وبين واقع إنسان يُسلط الله عليه شرار عباده، يسلط الله عليه من يسومه سوء العذاب في دنياه وفي يوم القيامة سوء الحساب وسوء العذاب في نار جهنم؟ نعوذ بالله من نار جهنم.
إن الإمام عليا (عليه السلام) -وإن وجدناه سقط شهيداً، بل نقول صعد إلى ربه شهيداً- إنه ما يزال حياً كما أن هذا القرآن الذي قرنه به الرسول حياً، حياً فيما يعطيه من هدى من نور، من دروس، من عظة، من عبر،حياً فيما يعطيه الأحرار، فيما يعطيه المجاهدين، حياً فيما يعطيه الصادقين من دروس تجعلهم يذوبون في هذا الدين.
أنت عندما تنظر إلى نفسك، أنا عندما أنظر إلى نفسي وأنظر إلى الإمام علي (صلوات الله عليه) فأكون حريصاً على سلامة نفسي وإن كان ثمن ذلك أن أُلقي بالإمام علي (عليه السلام)، وبدين علي، وبمنهج علي، وبتوجيهات علي عرض الحائط، هذا يعتبر من أسوء الانحطاط الذي يمر به الإنسان. هل يمكن أن أرى نفسي، أو أي واحد منا هل يمكن أن يرى نفسه أغلا من نفس الإمام علي (عليه السلام)؟؟. هل يمكن لأحدٍ منا أن يرى نفسه، أن يرى دمه أغلا من دم الإمام علي (صلوات الله عليه)؟. لا يمكن لأحدٍ أن يقول لنفسه هكذا وإن كان واقع الكثير منا هكذا.
فالإمام علي (عليه السلام) عندما كان يستقبل ذلك الحدث الذي يتوقعه أن يخضب دم رأسه لحيته ويسقط شهيداً لم يكن من‍زعجاً من ذلك، كان الذي يزعجه هو ما يرى الأمة فيه وهي تسير باتجاه ذات الشمال، وهي تبتعد حيناً بعد حين ومسافات طويلة تبتعد عن كتاب الله وعن منهج رسوله (صلوات الله عليه وعلى آله) ، كان يتألم عندما يرى أن تلك الجهود التي بذلها الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) وبذلها هو تحت لواءه في مكة وفي المدينة في معارك الإسلام كلها ضاعت هباء، وصارت هباء منثوراً تحت أقدام، وعلى أيدي من لم يكونوا يجرئون في يوم من الأيام أن ين‍زلوا إلى ساحات الوغى لمواجهة أعداء الله.
لقد كان الإمام علي (عليه السلام) يخوض غمار الموت ويقتحم الصفوف في بدر في أحد في كل معارك الإسلام بينما كان أولئك يجلسون جانباً وليتهم جلسوا جانباً من بعد ما مات الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) ولكن لا، كانوا في أثناء احتدام مواجهة الكفر يجلسون جانباً، وعندما نزل (صلوات الله عليه وعلى آله) إلى قبره بل من قبل ذلك وهو لا يزال على فراش الموت بدءوا يتحركون وين‍زلون إلى ساحة هذه الأمة ؛لينحرفوا بها عن نهج محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) الذي من أجله كان يقتحم ساحات الوغى، يقتحم الصفوف وهو يواجه المشركين ويواجه الرومان ويواجه اليهود ويواجه كل أصناف أعداء الإسلام، برزوا بعد.
هناك عبارة قالها أحد العلماء بالنسبة للإمام علي (صلوات الله عليه) [لو كانت الأمور تُقاس بمقاييس الدنيا لما كان أحد يُعدُّ مظلوماً أكثر مما حصل على علي (عليه السلام) من الظلم] يجاهد، يعاني، يتعب في سبيل دين هو يعلم أنه دين عظيم، وفي خير هذه الأمة، وفي مصلحة هذه الأمة، وفي عزة هذه الأمة ثم يرى أيادي تعبث بهذا الدين. فيتجه إلى تلك الأمة نفسها التي من أجلها جاهد، من أجلها عانا، من أجل عزتها تعب يحاول أن يحركها قبل أن يَعْظُم الخَطْب، في مرحلة كان يمكن أن يتلافى فيها ما حصل فلم يحصل له استجابة منهم، حرّك الزهراء صلوات الله عليها، حرك الجانب العاطفي، فماذا عمل أولئك عندما خطبت فيهم الزهراء صلوات الله عليها؟. بكوا وقالوا :إن خطوتها ما تَخْرُم خطوة رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) ، تذكروا رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) في خطى فاطمة ومنطق فاطمة ولم يتذكروا رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) فيما ذكرتهم به فاطمة عليها السلام، بكوا لغياب الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) ولم يبكوا لغياب دينه، لم يبكوا من أجل غياب الدين الذي كان الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) مستعداً من أجله أن يُقتل، وواجه المخاطر الشديدة من أجل هذا الدين.
فكيف لا يتألم الإمام علي (عليه السلام) وكيف لا يرى نفسه مظلوماً وهو يرى الأمور تسير على هذا النحو الذي يضيع كل الجهود التي بذلها الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) وكل الجهود التي بذلها هو وبذلها عظماء آخرون من خيار صحابة رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله).
وعندما نرجع إلى الإمام علي (صلوات الله عليه) نراه كما أسلفنا يُلْهِمُ من خلال ما قدّم، من خلال ما تكلم، يُلْهِم الناس: كيف تكون المواقف الصحيحة؟. كيف تكون التوجهات التي فيها نجاة الناس؟.
عندما نرجع إلى فضائل الإمام علي (صلوات الله عليه) نجد أن الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) يثني عليه كثيراً، يجب أن نفهم من كل هذا، من كل ما قدمه الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله)، من فضائل للإمام علي (عليه السلام)، من كل ما ذكره من فضائل للإمام علي (عليه السلام)، من كل ما وجدناه من مواقف عظيمة للإمام علي عليه السلام أن تفكير النبي وتفكير الإمام علي عليه السلام، وما يريده الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله)، وما يريده الإمام علي (عليه السلام) هو أن نأخذ من ذلك العبرة، نأخذ من ذلك الوعي، نأخذ من ذلك ما يجعلنا مستبصرين في كل شئون الحياة، في كل المواقف التي يطلب منا أن نقفها في هذه الحياة، أن نعرف المقاييس الصحيحة التي من خلالها نستطيع أن نقيّم الأشخاص والمواقف والاتجاهات في هذه الحياة ؛لهذا قال عنه (صلوات الله عليه وعلى آله) ((علي مع الحق، والحق مع علي))، ونحن شيعة الإمام علي عليه السلام يجب أن نرجع إلى دراسة تاريخ الإمام علي عليه السلام، إلى دراسة سيرة الإمام علي عليه السلام؛ لنعرف كيف نقتدي به؟ كيف نسير على خطاه؟ كيف نتمسك بنهجه؟ كيف نسلك السبيل الذي سلكه؟ كيف ننظر إلى الأمور كنظرته ؛لأنه بالتأكيد قرين القرآن.
ولنأتِ إلى موضوع آخر هو: كيف كان استقبال الإمام علي عليه السلام للشهادة؟.
-وقد تحدثنا عن ما الذي أوصل الإمام علي (صلوات الله عليه) إلى أن نراه يسقط صريعاً في وسط أمة مسلمة، وداخل بيت من بيوت الله- كيف كان استقباله للشهادة هو؟؟. لنعرف أن الإمام علي (صلوات الله عليه) كان يرى أن مقام الشهادة مقام عظيم، وأنها أمْنِيَة كان يطلبها، أنها أمنية كان يسأل رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) عنها هل سيحصل عليها؟، ومتى سيحصل عليها؟، استقبلها الإمام علي عليه السلام استقبال من يعرف كرامة الشهيد عظمة الشهيد فعندما خر صريعاً بعد تلك الضربة قال صلوات الله عليه (فُزْتُ ورب الكعبة).
[ الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
بينما نرى التاريخ يحكي عن أناس آخرين ممن سبقوه أن أحدهم تمنى عند احتضاره أنه كان بَعَرَات لخروف تتساقط هنا وهناك، لكن الإمام علي عليه السلام قال: ((فزت ورب الكعبة)). لأنه على يقين من سلامة دينه، على يقين من صحة موقفه، على يقين من صحة نهجه، على يقين من أن الله سبحانه وتعالى قد منح الشهداء، وأعطى الشهداء الكرامة التي تجعل مثله –على الرغم من عباداته الكثيرة- يصرخ بهذه الكلمة العظيمة مقسماً: ((فزت ورب الكعبة)).
ما أحوجنا أيها الأخوة إلى أن نستلهم من الإمام علي صلوات الله عليه الصبر على الحق، والصمود في مواجهة الباطل، استقبال العناء والشدائد بصدور رَحْبَة، بعزائم قوية، بإرادات لا تُقهر، برؤية واضحة، ببصيرة عالية فنكون ممن يحمل شعور الإمام علي عليه السلام حتى في لحظة الاستشهاد، في لحظة اغتياله يرى نفسه مسروراً فيقول ((فزت ورب الكعبة)).
لماذا سماه فوزاً؟. وهل يمكن للكثير منا - الذي يرى نفسه فائزاً لأنه لم يُقْحِم نفسه –كما يقول الكثير- في مشكلة، أنه لم يدخل في عمل ربما قد يؤدي إلى مشكلة، أنه يبتعد مسافات عن أن يحصل عليه أقل ما يحتمل من ضر في ماله أو في نفسه - هل يمكن لأحد ممن يفكر هذا التفكير أن يقول عندما يحتضر عندما تأتيه ملائكة الموت: ((فُزتُ ورب الكعبة))؟؟. لا والله، بل ربما يصرخ مُتَأَوِّهاً، بل ربما يَبْهَرَه الموت –كما قال الإمام علي عليه السلام وهو يوصي ابنه الإمام حسن عليه السلام ويحذره من أن يكون على طريقة سيئة عندما يفاجئه الموت - قال له: ((فيَبْهَرَك)). نعوذ بالله من بَهْرَة الموت، متى تكون بَهْرَة الموت؟. عندما تكون أنت من لم تحرص على سلامة دينك، من لم تُضَحِّ من أجل سلامة دينك، من لا تعتبر السقوط شهيداً في سبيل الله من أجل سلامة دينك فوزاً، سيبهرك الموت، وسيبهرك الحشر، وستبهرك زبانية جهنم هذا شيء لا شك فيه.
الإمام علي عليه السلام عندما يقول ((فزت ورب الكعبة)) ؛لأنه سار على منهجية يفوز من سار عليها.
[ الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
عاش مجاهداً في سبيل الله، عاش أميناً، عاش صادقاً، عاش ناصحاً، عاش حراً، عاش ينطق بالحق، ولولا الإمام علي عليه السلام، لولا كلمة الإمام علي عليه السلام، لولا مواقف الإمام علي عليه السلام لما وصل الدين إلينا بنقاوته، لما وصل الدين إلينا بصفائه من داخل ظلمات ذلك الانحراف الذي أوصل معاوية -وهو اللعين ابن اللعين- إلى سُدَّةِ الحكم إلى أن يتحكم على رقاب هذه الأمة.
الإمام علي (صلوات الله عليه) بعد أن عاش مجاهداً عاش على هذا النحو الذي أصبح فيه فعلاً – وهذه فريضة مهمة يجب أن نتفهمها- شاهداً لرسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) ؛لأنه في الإمام علي (صلوات الله عليه) نزل قوله تعالى {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ}(هود: من الآية17) الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) كان يتحرك على بينة من ربه، والإمام علي (صلوات الله عليه) كان هو الشاهد لرسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، هو الشاهد من نفس رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) ؛لذا قال عنه (صلوات الله عليه وعلى آله) في مقام آخر: ((أنت مني وأنا منك)) ((علي مني وأنا من علي))، وجاء القرآن ليؤكد ذلك فقال تعالى : {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ}(آل عمران: من الآية61) فجاء بنفسه ونفس الإمام علي عليه السلام بعبارة واحدة {أنفسنا}.
{وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ} هل الشهادة هذه تقتصر على مجرد التصديق لرسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) فنقول: والله صحيح أنت نبي صادق لما رأيناه من هذه المعجزة أو تلك المعجزة. هذه شهد بها حتى المشركون في قرارات أنفسهم {فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ}(الأنعام: من الآية33) .
ما هي شهادة الإمام علي صلوات الله عليه لرسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)؟.
إنها شهادة على مدى سنين، شهادة أداها في مواقفه، شهادة أدّاها في حياته كلها، وهي أنه إذا كنت تريد أن تعرف عظمة هذا الإسلام، إذا كان هناك أي نظرية ـ كما يقولون ـ لا يمكن أن تعرف عظمتها إلا عندما ترى ما تصنعه، ترى ما تقدمه من أثرٍ، ترى نماذج، ممن يحملون أفكار تلك النظرية، ثقافة تلك النظرية، توجهات تلك النظرية، فتراهم كيف هم، هنا تحكم على تلك النظرية عندما كانوا هم يجسدونها بنسبة مائة في المائة.
لقد عَدّ كثير من الكُتّاب والعظماء الإمام علي عليه السلام في معجزات الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله)، قالوا عن الإمام علي صلوات الله عليه أنه: كان معجزة للرسول من هذا الاتجاه.
[ الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
ما يُدرينا أن هذا الدين عظيم في واقعه؟. وهو دين يخاطبنا، دين يتحدث مع نفوسنا، مع وُجداننا، دين لـه رؤيته في نموذج للإنسان يريد أن يقدمه، كيف ذلك النموذج الذي سيقدمه الإسلام فعلاً لمن يسير عليه؟. ارجع إلى الإمام علي عليه السلام وستعرف ذلك النموذج، الذي لم يبهر فقط المسلمين بل بهر المسيحيين فكتب عنه كُتّاب مسيحيون أُعجِبوا بعظمته، أُعجبوا بمصداقيته، اعتبروه عبقرياً، عظيماً، اعتبروه مثلاً أعلا حتى من غير المسلمين.
عندما ترجع إلى الإمام علي (صلوات الله عليه) في رؤيته، في مواقفه، في ممارساته، في سلوكياته تجده فعلاً نموذجاً للشخصية العظيمة التي يمكن أن يصنعها هذا الدين الذي جاء به الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله)، فهو شاهد لهذا الدين: أنه دين كامل، من إله كامل، اصطفى لتبليغه رسولاً كاملاً، هو الله سبحانه وتعالى الذي قال: { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً} (المائدة: من الآية3) هو دين كامل، ورسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) الله تعالى اصطفاه وأكمله، هو من قدم هذا الدين كرسول له. لكن نريد أن نرى في الساحة نموذجاً صادقاً يشهد لعظمة هذا الدين؟. ارجع إلى الإمام علي (عليه السلام) }ويتلوه شاهد منه{. في مواقف الإمام علي (عليه السلام) عندما ترجع إليها تجد عظمة الإسلام، تجد أخلاق الإسلام متجسدة، وهذه لها أثرها في النفوس، كل شيء سيبقى نظرية، كل شيء سيبقى خاضعاً للاحتمالات إذا لم يكن هناك على صعيد الواقع ما يشهد لصحته، {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} (فصلت: من الآية53).
كما تأتي الشواهد في الأحداث في المتغيرات تشهد لهذا الدين، وهو حق لا شك فيه لكن كمنهجية تربوية لهذا الإنسان، لينطلق إلى أعماق مشاعر هذا الإنسان ويفرض عظمته على هذا الإنسان من خلال الأحداث، من خلال الآيات، من خلال ما يُقدمه من نماذج، فعلى مستوى الإنسان ارجع إلى الإمام (علي صلوات الله) عليه إنه شاهد على أنه حق، {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} (فصلت:53) وكفى به شهيداً، ولكن من أجلنا نحن بني البشر الذين قال الله عنهم { وَكَانَ الْأِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً}(الكهف: من الآية54) {قُتِلَ الْأِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ} (عبس:17) إلى آخر ما وصل إليه الإنسان عندما يتجه إلى العناد ؛فمن أجل رحمة الله به، من أجل لطف الله به، من أجل رأفة الله به يُقَدِّم له الشواهد في مختلف المجالات على عظمة ما قدمه له من منهج، على عظمة هذا الدين الذي أتمه لـه، وأتم به النعمة عليه، ورضيه ديناً يدين به أمام مولاه سبحانه وتعالى.
عندما تأتي إلى رؤية الإمام علي عليه السلام تجد فيه شاهداً، رؤيته للحياة، رؤيته للإنسان؛ لذا جمع في نهج البلاغة ما قال عنه الكثير: [بأن الإمام عليا (صلوات الله عليه) برز عالماً فيلسوفاً بل قدوة في كل هذه الاتجاهات فبرز كعالم اجتماع، برز كعالم اقتصاد، عالم نفس، مرشد، معلم في كل الاتجاهات، برز ذلك الشخص عظيماً يقدم رؤية حقيقية وواقعية للحياة].
حتى وهو يتحرك في مواجهة أعدائه، وهو يتحرك مع من ينطوون تحت لوائه كان يحذرهم، كان ينذرهم، كان يعطيهم رؤى، كان يذكرهم بأشياء عرفوا من بعد صحتها، بل مر الكثير منهم بها وعايشوها، كان يقول لأهل العراق: ((والله إني لأخشى أن يُدَال هؤلاء القوم منكم لاجتماعهم على باطلهم وتفرقكم عن حقكم)) في هذه العبارة تجد رؤية حقيقية، رؤية واقعية، رؤية صحيحة لدى الإمام علي عليه السلام في النتائج في المسببات، ما خلفياتها؟ ما أسبابها؟.
عندما تخالط الناس، وتسأل ذا وذاك تجد أن ما يمكن أن يقوله هذا الإنسان أو ذاك -وهو يرى ويسمع ما يعمله أعداء الله- ما هو الكلام الذي سيقوله أي واحد منا؟. يقول: [لعنة الله عليهم، مجرمين، الله يكفينا شرهم]. عندنا تفكير أنه: [فقط يُهَيمن الباطل، يسود الضلال، ينتشر الفساد، يضيع الحق من جانب واحد هو جانب أولئك]، هذه النظرة نفسها التي توجد لدى شعوبنا ولدى زعماء هذه الأمة، لاحظوا كيف هم يتجهون إلى محاولة أن يتداركوا ما يريد أن يفعله اليهود والنصارى بنا ولو بتوليهم، والبحث عن السلام من عندهم وبأي طريقة ترضيهم، يتصوروا أن المنفذ من هناك فقط، ولا يتجهون إلى جانب آخر إلى هذه الأمة لبنائها، يفكرون هذا التفكير الذي يفكر به الكثير الكثير من الناس، جانب واحد فلأتفادى ذلك الجانب، أسالم ذلك الجانب، أعطيه ما يريد ؛من أجل أن لا يسود ما يسود، لا يهيمن من يهيمن، لا يحصل ما يحصل من شر.
إن الفساد ينتشر، إن الحق يضيع، إن الباطل يحكم ليس فقط بجهود أهل الباطل وحدهم بل بقعود أهل الحق. وأعتقد أن هذا قد يمثل نسبة سبعين بالمائة من النتائج السيئة.
[ الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
بدليل أننا نرى: أن الله سبحانه وتعالى لم ينظر إلينا بمنظار ولو خمسين بالمائة وخمسين بالمائة من جانب الأشرار فنكون أمامه على صعيد واحد، بل نراه يسلط أولئك على هؤلاء، ماذا يعني ذلك؟: أن التقصير من جانب أهل الحق، من جانب هذه الأمة، من جانب من هم في واقعهم يمثلون جنود الله أن التقصير من جانبهم هو عامل مهم، وهو العامل الأكبر في سيادة الباطل، في استحكام الضلال، في انتشار الفساد، في ضياع الحق.
والإمام علي عليه السلام يقرر هذه الحقيقة في كلمته هذه عندما قال لأهل العراق: ((والله إني لأخشى أن يُدَال هؤلاء القوم منكم ؛لاجتماعهم على باطلهم وتفرقكم عن حقكم)).
لو لم نخرج من هذا الاجتماع إلا بأن نحمل هذه الرؤية لكان مكسباً كبيراً، أن نعرف من الإمام علي عليه السلام ولو هذه الرؤية : أننا نمثل في قعودنا، في سكوتنا، في صمتنا، في إهمالنا، في حالة اللامبالاة التي نعيشها نمثل سبعين بالمائة من عوامل سيادة الباطل وضياع الحق، من عوامل ظلمنا وقهرنا وإذلالنا لأنفسنا نحن ؛ولهذا وجدنا الله يُسلط الكافرين على المسلمين، وحديث الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) يؤيد ما قاله الإمام علي عليه السلام الذي قال فيه: ((لتأمرنّ بالمعروف ولتنهنّ عن المنكر أو ليسلطن الله عليكم شراركم فيسومونكم سوء العذاب ثم يدعوا خياركم فلا يُستجاب لهم)) ماذا يعني هذا؟. لماذا لم تُسلط علينا وعليهم مع بعض؟. ليست القضية على نسبة خمسين بالمائة من عندك وخمسين بالمائة من عند أولئك، أنت من جانبك تمثل سبعين بالمائة ؛لأن الباطل، لأن العدو هو بطبيعته سيزهق ؛لأنك عندما تتحرك، عندما تسير على نهج الله، عندما تثق بالله الله سبحانه وتعالى هو سيتحرك - إن صحت هذه العبارة- سيقف هو في وجه أولئك الأعداء، والحق بطبيعته إذا ما وجد أمة تحمله، وتثق بربها فإن الباطل زَهُوْقٌ بطبيعته {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً} (الاسراء:81)، بل قال بصريح العبارة {وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً} (الفتح:22) هو سبحانه وتعالى من يقول عن أهل الكتاب هؤلاء الذين يتسابق الزعماء على استرضائهم، يتسابق الزعماء على توليهم، يتسابق الزعماء العرب على الدخول في اتفاقيات أمنية معهم، يقول عنهم: {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ}(آل عمران:111) فأمة تُضيّع كتابها، تضيع ما يمكن أن يعطيه الله من عونٍ وإمداد لها، تضيّع الحق الذي هو بطبيعته أقوى من الباطل، أقوى في منطقه، أقوى فيما يُقدمه، فيما يخلقه من روحية، فيما يخلقه من معنويات عندما تضيعه بالطبع تكون جريمتها أكبر.
الإمام علي عليه السلام حذر أهل العراق قال لهم: إن ما هم عليه من تَقَاعُسٍ، من حالة اللامبالاة، لا ينطلقون، لا يبادرون، لا يتحركون بالشكل المطلوب حذرهم فقال: ((والله إني لأخشى أن يُدَال هؤلاء القوم منكم)) ما معنى يُدَالَ: أن تكون لهم الدولة عليكم، أن يكون لمعاوية ولأهل الشام الدولة عليكم فيحكمونكم، يقهرونكم، يذلونكم، يضطهدونكم، يستضعفونكم، يقتلونكم ويشردوا ويدمروا ؛ (لاجتماعهم على باطلهم وتفرقكم عن حقكم). ألم يُقدم العامل على أنه عامل مشترك في سيادة الباطل، في استحكام الشر؟.
هذه النظرة من هم الذين يحملونها؟. من هم أولئك من هذه الأمة الذين تسيطر على مشاعرهم هذه الفكرة؟. يجب أن نكون هكذا، وهذا هو الذي يخلق دافعاً لدى الإنسان، يستشعر مسئوليته، يعرف سوء موقفه وهو يقعد، وهو يصمت، وهو يتقاعس، وهو يتخاذل، ويتثبط سيعرف سوء موقفه، إذا لم تكن تنظر إلا إلى جانب واحد سترى نفسك وكأنه ليس من عندك أي خلل، بل في الأخير ستكون أنت من يلوم الله لماذا لا يكف عنك أولئك، وأنت في الأخير من ستنطلق لتقول لله : [اللهم أنت دمر أولئك أما نحن فليس لنا دخل، اللهم أهلك أولئك، اللهم خلصنا من أولئك] ومتى ما حصل تسليط أو نحو ذلك نلوم الله لماذا سلط علينا؟.، لماذا أصبحنا هكذا؟‍! وهو قال في كتابه { وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً}(النساء: من الآية141) فلماذا حصل لهم سبيل؟. نحن من جعلنا لله سلطاناً علينا كما قال تعالى { أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُبِيناً}(النساء: من الآية144) هكذا قال لأولئك {أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُبِيناً} فيضربكم ويسلط عليكم ؛لهذا تجد منطق القرآن ينسجم مع الإمام علي عليه السلام في مقولته هذه، ينسجم مع الإمام علي (عليه السلام) وهو يقدم لك نماذج من أمثال الإمام علي (عليه السلام) في تاريخ البشرية من أنبياء الله ورسله وأوليائه، يقدم لك القرآن نفسياتهم وتفكيرهم ومشاعرهم وهم في ميادين المواجهة كيف كانوا يفكرون، حتى في الدعاء لا تجد أنهم كانوا فقط يدعون على أعدائهم بل كان كل همهم أن يدعوا لأنفسهم ؛لأنهم يعرفون أن القضية بالنسبة للعدو محسومة، إذا ما صَلُحنا نحن وكنا بالشكل الذي نصبح جديرين بأن يقف الله معنا ؛فلذا كان دعاؤهم {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}(البقرة: من الآية250) ألم يكن هكذا دعاؤهم؟. هكذا كان دعاؤهم، لم يكونوا ينطلقون على أساس ما يفكر فيه الكثير من الناس اليوم ؛لأنهم يعرفون أنه متى ما تخاذل من هم في الأرض جنود الله، إذا ما قعدوا استحقوا غضب الله، هم من يضيعون أشياء عظيمة لا يمكن أن يمتلكها العدو مهما كان لديه من أسلحة وإمكانات لا يمكن أن يمتلك العدو ما يمكن أن يمتلكه المؤمنون بالله لا يمكن.
ولاحظوا في فلسطين ولبنان كمثال على هذا ألم يستطع الإسلام أن يصنع [قنابل بشرية] فعلاً، وهذا - كما يقول المجاهدون- [بأن هذا هو السلاح الذي لم يستطع العدو أن يصنع مثيلاً له، ولا أن يصنع ضداً له] قنبلة بشرية تنفجر فتربك جيش إسرائيل، تربك أمن إسرائيل، تحطم اقتصاد إسرائيل. في اللحظة الأخيرة وكانوا قد أضاعوا ـ خاصة بالنسبة للفلسطينيين- فرصاً كبيرة، فهذا الجيل في فلسطين الذي يعاني معاناته تعتبر وزراً من أوزار الجيل الذي سبقه، الذي ضيع الفرص الكبيرة في مواجهة اليهود يوم كانوا لا يزالون عصابات داخل فلسطين.
[ الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
هكذا يجب أيها الأخوة أن نتذكر المأساة بفقد الإمام علي (صلوات الله عليه) على هذه الأمة، الشقاء الذي جلبه غيابه في تلك اللحظة والفترة التاريخية الحرجة ما جلبه من شقاء على هذه الأمة. ونفكر أيضاً فيما جلبه مَن أقصوا الإمام عليا والقرآن الذي جاهد من أجله الإمام علي، والقرآن الذي قُرن به الإمام علي ما جلبوه من وبال وشقاء وفساد على هذه الأمة، وأن نرجع إلى ما قاله الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) في فضل الإمام علي (عليه السلام) ؛لنَدِيْنَ بالولاء للإمام علي عليه السلام، فالولاء للإمام علي (عليه السلام) كما يقول الإمام الهادي (عليه السلام) يعتبره ركناً لابد منه بالنسبة للإنسان المسلم، لابد أن يَدِيْنَ بالولاء للإمام علي (عليه السلام) كما نَصّ على هذا في مقدمة كتاب [الأحكام] وفي داخل رسائله في [المجموعة الفاخرة] بل –قبل ذلك كله- جعل الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) جعل حُبّ الإمام علي عليه السلام إيماناً وبغضه نفاقاً، بل جعله قَسِيْمَ النار وقَسِيْمَ الجنة كما ورد في الأثر، وعندما استبعد بعض الناس أن يكون الإمام علي عليه السلام قَسِيْمَ النار فقال: كيف يمكن هذا؟. فقال أحد العلماء : ألم يقل فيه الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) ((لا يُحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق))؟. فأين هو المؤمن؟. فقال: في الجنة. وأين هو المنافق؟. قال : في النار. قال :إذاً صح أن يكون قَسِيم النار، يعني من يبغضه إلى النار ومن يحبه إلى الجنة، أليس هنا يقسم الناس نصفين؟. منافق إلى النار، ومؤمن يحب الإمام علي (عليه السلام) إلى الجنة.
فلنستلهم من الإمام علي (عليه السلام) الرؤى الحكيمة، التوجيهات الحكيمة في مختلف الميادين، في مختلف المجالات.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا للسير على نهج الإمام علي، أن يجعلنا من أولياء الإمام علي، أن يجعلنا من شيعة الإمام علي، وأن يحشرنا في زمرته يوم القيامة، وأن يحيينا قبل ذلك في الدنيا على ملته، وأن نموت على سبيله وصراطه وطريقته، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا في هذا الشهر الكريم من عُتَقائه من النار.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
[ الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
فاضل عيدان
فاضل عيدان
Admin

عدد المساهمات : 54
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 19/03/2014
العمر : 39

http://ansaralmhdy.ahlamuntada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

دروس من هدي القران  ذكرىاستشهادالإمام علي عليه السلام Empty دروس من وحي عآشوراء السيدحسين الحوثي

مُساهمة من طرف فاضل عيدان الأحد يونيو 19, 2016 1:44 am


دروس من هدي القرآن الكريم









ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي
بتاريخ: 10/1/1423 ه‍
الموافق: 23/3/2002م
اليمن - صعدة

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي هدانا لهذا، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي بعثه الله رحمة للعالمين، لينقذ الأمة من الطغيان, والشرك, والجهالة ويخرجهم من الظلمات إلى النور، صلى الله عليه وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين، الذين نهجوا نهجه، وسلكوا طريقه, وحملوا رايته, ونصحوا لأمته.
في هذا اليوم, يوم عاشوراء، في هذا اليوم, يوم العاشر من محرم وقعت فاجعة عظيمة ومأساة كبرى في تاريخ هذه الأمة، الأمة التي دينها الإسلام, وسماها الله ونبيها: المسلمين. تلك الفاجعة كان المفترض أن لا يقع مثلها إلا في تلك العصور المظلمة، في عصر الجاهلية، في عصر الشرك، في عصر الظلمات، كان الشيء المفترض والطبيعي لحادثةٍ مثل هذه أن لا تكون في عصر الإسلام، وفي ساحة الإسلام، وعلى يدي من يسمون, أو يحسبون على الإسلام، فما الذي حصل؟.
لم نسمع في تاريخ الجاهلية بحادثة كهذه!. ما الذي جعل الساحة الإسلامية مسرحاً لمثل هذه المآسي؟ لمثل هذه الأحداث المفجعة؟ ما الذي جعل من يسمون أنفسهم مسلمين، ويحسبون على الإسلام هم من ينفِّذون مثل هذه الكارثة!؟ مثل تلك العملية المرعبة المفجعة!
وضد من؟ ضد من؟! هل ضد شخص ظل طيلة عمره كافراً يعبد الأصنام, ويصد عن الدين؟ هل ضد رجل عاش حياته نفاقاً ومكراً وخداعاً وظلماً وجبروتاً؟ كان هذا هو المفترض لأمة كهذه، أن يكون لها موقف كهذا أمام أشخاص على هذا النحو: كفر وشرك وطغيان وجبروت وظلم ونفاق.
لكنَّا نرى أن تلك الحادثة التي وقعت في الساحة الإسلامية، وعلى يد أبناء الإسلام، بل وتحت غطاء الإسلام وعناوين إسلامية، وخلافة تسمي نفسها خلافة إسلامية، نرى أن ذلك الذي كان الضحية هو من؟ واحد من سادة شباب أهل الجنة (الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة). هو ابن سيد النبيين، هو ابن القرآن، هو ابن سيد الوصيين، وسيد العرب, على بن أبي طالب، هو ابن سيدة النساء فاطمة الزهراء، هو ابن سيد الشهداء حمزة.
ما الذي جعل الأمور تصل إلى أن يصبح الضحية في الساحة الإسلامية وتحت عنوان خلافة إسلامية وعلى يد أبناء هذه الأمة الإسلامية، أن يكون الضحية هو هذا الرجل العظيم؟.
إنه حدث - أيها الإخوة - مليء بالدروس، مليء بالعبر.. وما أحوجنا نحن في هذا الزمن إلى أن نعود إلى تاريخنا من جديد، إلى أن نعود إلى الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) فنتطلع في سيرته وحركته الرسالية، منذ أن بعثه الله رسولاً إلى أن صعدت روحه الشريفة للقاء ربه، إلى أن نعود إلى علي (عليه السلام) لنقرأ سيرته وحركته في الحياة، إلى أن نعود إلى الحسن وإلى فاطمة الزهراء وإلى الحسين، إلى الحسين الذي نجتمع هذا اليوم لنعزي أنفسنا بفقد مثله، وإلى أن نستلهم في هذا اليوم بالذات ما يمكننا أن نفهمه من دروس وعبر من تلك الحادثة التي كان هو وأهل بيته ضحيتها.
حادثة كربلاء فاجعة كربلاء هل كانت وليدة يومها؟ هل كانت مجرد صدفة؟ هل كانت فلتة؟ أم أنها كانت هي نتاج طبيعي لانحراف حدث في مسيرة هذه الأمة، انحراف في ثقافة هذه الأمة، انحراف في تقديم الدين الإسلامي لهذه الأمة من اليوم الأول الذي فارق فيه الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) هذه الأمة للقاء ربه.
إذا ما فهمنا أن حادثة كربلاء هي نَتاج لذلك الإنحراف، حينئذٍ يمكننا أن نفهم أن تلك القضية هي محط دروس وعبر كثيرة لنا نحن, من نعيش في هذا العصر المليء بالعشرات من أمثال يزيد وأسوء من يزيد.
إن الحديث عن كربلاء هو حديث عن الحق والباطل، حديث عن النور والظلام، حديث عن الشر والخير، حديث عن السمو في أمثلته العليا، وعن الإنحطاط, إنه حديث عن ما يمكن أن تعتبره خيراً, وما يمكن أن تعتبره شراً، ولذا يقول البعض: إن حادثة كربلاء, إن ثورة الحسين (عليه السلام) حدث تستطيع أن تربطه بأي حدث في هذه الدنيا، تستطيع أن تستلهم منه العبر والدروس أمام أيٍّ من المتغيرات والأحداث في هذه الدنيا؛ لذا كان مدرسة, كان مدرسةً مليئة بالعبر, مليئةً بالدروس لمن يعتبرون, لمن يفقهون, لمن يعلمون.
الإمام علي (عليه السلام) عندما آلت الخلافة إليه كان أمامه عقبة كئوداً, شخص معاوية في الشام. أول قرار اتخذه الإمام علي (عليه السلام) هو أنه يجب عزل هذا الرجل ولا يمكن أن يبقى دقيقة واحدة في ظل حكم علي، يحكم منطقة كالشام باسم علي, وباسم الإسلام.
البعض نصح الإمام علياً (عليه السلام) بأنه ليس الآن وقت أن تتخذ مثل هذا القرار، معاوية قد تمكن في الشام، انتظر حتى تتمكن خلافتك ثم بإمكانك أن تعزله. يبدو هذا عند من يفهمون سطحية السياسة، وعند من لا يصل فهمهم إلى الدرجة المطلوبة بالنسبة للآثار السيئة, والعواقب الوخيمة لأن يتولى مثل ذلك الرجل على منطقة كَبُرَت أو صَغُرَت, على رقاب المسلمين, كمعاوية، تبدو هذه فكرة صحيحة.
دعه حتى تتمكن ثم بإمكانك أن تغيره بعد.. الإمام علي (عليه السلام) قال: لا يمكن.. واستشهد بقول الله تعالى: {وما كنتُ مُتخذ المضلينَ عضداً}(الكهف: من الآية51) عوناً ومساعداً؛ لأن من تعينه والياً على منطقة, أو تقرُّه والياً على منطقة ما، يعني ذلك أنك اتخذته ساعداً وعضداً، يقوم بتنفيذ المهام التي هي من مسئوليتك أمام تلك المنطقة أو تلك.
عندما نعود إلى الحديث من هنا هو من أجل أن نعرف ما الذي جعل الأمور أن تصل إلى هذه الدرجة فنرى الحسين صريعاً في كربلاء، إنها الإنحرافات الأولى.
الإمام علي لم يقرّ أبداً معاوية والياً على الشام وعندما استشهد بقول الله تعالى: {وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً}(الكهف: من الآية51) إن معاوية رجل مضل، يضل أمة، ومعنى أن تُضِل أمة بعد أن جاء هدي الله، بعد أن جاء نور القرآن، بعد أن بعث الله محمداً(صلوات الله وسلامه عليه) ماذا يكون إضلالك؟ هل يكون إلا صرفاً للأمة عن القرآن، صرفاً للأمة عن محمد، صرفاً للأمة عن دين الله, عن الإسلام, عن هدي الله.
إن معاوية مضل، وقد بقي فترة طويلة على بُعدٍ من عاصمة الدولة الإسلامية، أضل أمة بأسرها، أقام لنفسه دولة في ظل الخلافة الإسلامية.. وعندما حصل الصراع بين الإمام علي (عليه السلام) وبين معاوية وجاءت معركة [صفين] استطاع معاوية أن يحشد جيشاً كثير العدد والعدة أكثر من جيش الخليفة نفسه! أكثر عدداً وأقوى عدة من جيش الخليفة نفسه! وكان ذلك الجيش الذي حشده إلى ساحة [صفين] مجاميع من تلك الأمة التي أضلها معاوية.
لما أضلها معاوية انطلقت تلك الأمة لتقف في صف الباطل، لتقف في وجه الحق، لتقف في وجه النور، لتقف في وجه العدالة, في وجه الخير، تقف مع ابن آكلة الأكباد، مع ابن أبي سفيان, ضد وصي رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، ضد أمير المؤمنين على ين أبي طالب, الذي قال فيه الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله): ((أنت مني بمنـزلة هارون من موسى)).
إنه الضلال، وما أخطر الضلال، ما أخطر الضلال وما أسوأ آثار ونتائج وعواقب الضلال! و ما أفضع خسارة المضلين عند الله، ما أشد خسارتهم, وما أفضع خسارتهم في هذه الدنيا ويوم يلقون الله سبحانه وتعالى، وقد أضلوا عباده!.
الإمام علي (عليه السلام) هو يعلم أن أخطر شيء على الأمة، أن أخطر شيء على البشرية هو الضلال والمضلون، لذلك وهو من يعرف واجب السلطة في الإسلام، ويعرف مهمة الدولة في الإسلام, ويعرف مهمة الخلافة الإسلامية, يرى أنه لا يمكن بحال أن يقرَّ شخصاً مضلاً على منطقة في ظل دولته وإن كانت النتيجة هي تَقْويض خلافته واستشهاده.. كان يقول: ((إن خلافتكم هذه لا تساوي عندي شراك نعلي هذا إلا أن أقيم حقاً أو أميت باطلاً)).
لماذا؟ قد يستغرب أي شخص منا عندما يسمع كلاماً لأمير المؤمنين (عليه السلام) كهذا... أنت حريص على أن تزيل معاوية من موقعه حتى لو كان الثمن هو تقويض خلافتك, إزاحتك عن هذا المنصب، استشهادك.! الإمام علي (عليه السلام) يرى كل هذا سهلاً، ولا أن يبقى معاوية دقيقة واحدة على رقاب الأمة؛ لأن علياً لم يكن من أولئك الذين يحرصون على مناصبهم, وليكن الثمن هو الدين, وليكن الثمن هو الأمة, ومصالح الأمة, ومستقبل الأمة, وعزة الأمة وكرامتها.
الإمام علي يعرف أن من يعشق السلطة، أن من يعشق المنصب هو نفسه من يمكن أن يبقي مثل معاوية على الشام، هو نفسه من يمكن أن يبيع دين الأمة، أن يبيع الدين الإسلامي، هو نفسه من يمكن أن يبيع الأمة بأكملها مقابل أن تسلم له ولايته، وأن يسلم له كرسيه ومنصبه.
وهل عانت الأمة من ذلك اليوم إلى الآن إلا من هذه النوعية من الحاكمين! هذه النوعية التي نراها ماثلة أمامنا على طول وعرض البلاد الإسلامية لما كانوا من هذا النوع الذي لم يتلق درساً من علي (عليه السلام) الذي كان قدوة يمكن أن يحتذي به من يصل إلى السلطة، قدوة للآباء في التربية، قدوة للسلاطين في الحكم، قدوة للدعاة في الدعوة، قدوة للمعلمين في التعليم، قدوة للمجاهدين في ميادين القتال، قدوة لكل ما يمكن أن يستلهمه الإنسان من خير ومجد وعز. أولئك الذين لم يعيشوا هذه الروحية التي عاشها الإمام علي (عليه السلام) في اليوم الأول من خلافته، فأرى الجميع أن خلافته عنده لا تساوي شراك نعله إذا لم يقم حقاً ويمت باطلاً.
ما قيمتها إذاً! ما قيمة دولة تحكم باسم الإسلام, ويتربع زعيمها على رقاب المسلمين, وعلى عرش البلد الإسلامي، ثم لا يكون همه أن يحيي الحق ويميت الباطل؟. لا قيمة لها، ليس فقط لا قيمة لها، بل ستتحول قيمتها إلى شيء آخر, ستتحول الأمور إلى أن يكون قيمتها هو الدين، إلى أن يكون قيمتها هو الأمة.
عندما نسمع - أيها الإخوة - زعماء العرب, زعماء المسلمين كلهم يسرعون إلى الموافقة على أن تكون أمريكا حليفة، على أن تكون أمريكا هي من يتزعم الحلف لمحاربة ما يسمى بالإرهاب، وعندما نراهم جميعاً يعلنون وقوفهم مع أمريكا في مكافحة ما يسمونه بالإرهاب؛ لأنهم جميعاً يعشقون السلطة؛ لأنهم جميعاً يحرصون على البقاء في مناصبهم مهما كان الثمن، لكنهم لا يمكن أن يصرحوا بهذا، هم يقولون: من أجل الحفاظ على الأمن والإستقرار، من أجل الحفاظ على مصلحة الوطن! أو يقولون: خوفاً من العصا الغليظة, العبارة الجديدة التي سمعناها من البعض: الخوف من العصا الغليظة! وأي عصا أغلظ من عصا الله، من جهنم, ومن الخزي في الدنيا؟ هل هناك أغلظ من هذه العصا؟.
الإمام علي (عليه السلام) أراد أن يعلم كل من يمكن أن يصل إلى موقع السلطة في هذه الأمة أنه لا يجوز بحال أن تكون ممن يعشق المنصب؛ لأنك إذا عشقت المنصب ستضحي بكل شيء في سبيله، وأن لا تخاف من شيء أبداً فإذا ما خفت من غير الله فسترى كل شيء مهما كان صغيراً أو كبيراً يبدو عصا غليظة أمامك.
سترى معاوية... هل معاوية, والذي كان موقعه فعلاً في الأيام الأولى لخلافة الإمام علي (عليه السلام) بل في أيام عثمان كانت دولته أقوى في الواقع من محيط الخليفة نفسه، كان في تلك الفترة حكمه مستقراً، ويمتلك جيشاً كثير العدد، هو كان أقوى في الواقع من المجتمع الذي جاء ليبايع علياًً (عليه السلام)، من مجتمع المدينة وما حولها.
كان هناك استقرار لدى معاوية.. سنين طويلة من أيام عمر, من أيام الفاروق، الفاروق الذي جعل هذه الأمة تفارق علياً، وتفارق القرآن، وتفارق عزها ومجدها من يوم أن ولىَّ معاوية على الشام، وهو يعلم من هو معاوية, هو يعلم من هو معاوية.
إذاً كل بلية أصيبت بها هذه الأمة، كل انحطاط وصلت إليه هذه الأمة، كل كارثة مرت في هذه الأمة بما فيها كربلاء، إن المسئول الأول عنها هو عمر، المسئول عنها بالأولوية هو عمر قبل أبي بكر نفسه، قبل أبي بكر نفسه، عمر الذي ولى معاوية على الشام سنيناً طويلة.
نجد الفاروق الحقيقي، الذي يفرق بين الحق والباطل لا يسمح لنفسه أن يبقي معاوية دقيقة واحدة على الشام، ومن هو الشخص الذي قال عنه الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله): أنه مع القرآن؟ هل عمر أم علي؟ ((علي مع القرآن والقرآن مع علي)) أم قال عمر مع القرآن والقرآن مع عمر؟.

وعندما نجد أن علياً لا يسمح لنفسه أن يبقي معاوية لحظة واحدة على الشام، فإنه يتحرك باسم القرآن، وأنه منطق القرآن، وموقف القرآن.
إذاً فالموقف الآخر الذي سمح لنفسه أن يبقي معاوية سنيناً طويلة لا يحاسبه على شيء من أعماله، ويقول عنه: [ذلك كسرى العرب] هو الموقف الذي لا ينسجم مع القرآن بحال، هو الموقف المفارق للقرآن, هو الموقف الذي ضرب القرآن, وأمة القرآن, وقرناء القرآن. فهنيئاً لفاروق هذه الأمة, هنيئاً يوم يلقى الله فيُسأل عن كل حادث حدث في هذه الأمة.
لا تنظر إلى فاجعة كربلاء أنها وليدة يومها.. من الذي حرك الجيوش لتواجه الحسين في كربلاء؟ من الذي أرسل ابن زياد إلى الكوفة ليغري زعماء العشائر بالأموال, ويرغّب ويرهب حتى يجيشهم، حتى يحولهم إلى جيش يتوجه لضرب الحسين بعد أن كانوا قد بايعوا الحسين، من هو؟ إنه يزيد.
من الذي جعل يزيداً خليفة على رقاب المسلمين؟ إنه معاوية, من الذي جعل الأمة - تلك الأمة - تقبل مثل يزيد؟ من الذي جعل ليزيد سنداً قوياً وقاعدة قوية؟ إنه معاوية, من الذي ولى معاوية على الشام؟ إنه عمر, من الذي ولى عمر؟ هو أبو بكر.
أبو بكر وعمر كانا يتحركان كما قال الإمام علي (عليه السلام) لعمر: (أحلب حلباً لك شطره, شدّها لـه اليوم يردها عليك غداً). حركة واحدة كانت على هذا النحو ممن يعشقون السلطة, ممن يعشقون المنصب، ممن يعشقون الوجاهة.
يقول البعض: لو كان أولئك ممن يعشقون السلطة لرأيناهم مترفين؛ لأننا نشاهد أن من يعشقون السلطة هم عادة إنما من أجل أن تتوفر لهم الأموال, وتتوفر لهم الملذات.. إلى آخر ما قيل في هذا الموضوع.
يقول أحد العلماء الآخرين - وهو محمد باقر الصدر - : ليس صحيحاً كل هذا، بل وجدنا في التاريخ من ظهروا بمظهر المتقشفين الزهاد من أجل أن يصلوا إلى السلطة. إن هناك من يحب السلطة فتبدوا لديه ألذ من كل مطائب العيش، ألذ من كل ملذات الدنيا كلها، فمن أجل الوصول إلى السلطة يتقشف، ومن أجل الوصول إلى السلطة يبدو زاهداً.
وقد وجدنا في اليمن نفسه [علي بن الفضل], علي بن الفضل عندما وصل إلى اليمن جلس في واد يتعبد زاهداً ويتركع، يقبل الشيء اليسير مما يعطى، زاهد متقشف متعبد. إن هناك نوعيات في البشر يعشقون المنصب، يعشقون الوجاهة فتبدو كل لذة أخرى من ملذات الطعام والشراب والنكاح والبنيان وغيره، تبدو كلها لا تساوي عنده شيئاً، سيضحي بها جميعاً من أجل أن يصل إلى المنصب.
هو يجيب على من يحاول أن يقدم أبا بكر وعمر بأنهم لم يكونوا عشاق مناصب, لو لم يكن عمر يعشق المنصب لكان أول من يستجيب يوم قال الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) في يومه الأخير من أيام مرضه: ((ائتوني بقلم ودواة أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده)) عمر اعترض هو يعرف ماذا سيعمل؟, هو يعرف أنه سيكتب علياً.
إذا كان قد تحدث عن علي طيلة حياته, وأعلن ولايته على رقاب الأمة يوم الغدير فماذا يتوقع أن يكتب الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) إلا أن يشد الأمة إلى علي فيكون قد استخدم كل الوسائل، فضج عمر، وقال: الرسول قد غلب عليه الوجع! وقال: إن الرسول ليهجر! لأنه - كما قال الإمام علي (عليه السلام) - ((أشددها له اليوم يردها عليك غداً)).
لا ننظر إلى فاجعة كربلاء أنها وليدة يومها، ونتحدث عن ابن زياد وحده, أو نتحدث عن يزيد وحده، إذا كنا على هذا النحو، إذا لم ننظر دائماً إلى البدايات، ننظر إلى بدايات الإنحراف، ننظر إلى الأسباب الأولى, النظرة التي تجعلنا نرى كل تلك الأحداث المؤسفة، نرى كل هذا الواقع الذي تعيشه الأمة إنما هو نتاج طبيعي لذلك الإنحراف، إنما هي تداعيات لتلك الآثار السيئة التي كانت نتاج ذلك الإنحراف، وإلا فسنعيش في ظل الأسباب نفسها، وسنكون نحن جزءاً من الأسباب التي جعلت الحسين صريعاً في كربلاء، وجعلت علياً قبله, والحسن قبله يسقطون شهداء.
من خلال موقف الإمام علي (عليه السلام) الذي لم يسمح أن يبقي معاوية لحظة واحدة نعرف خطورة ما يمكن أن يعمله معاوية، ومن خلال هذا الشاهد نفسه نعرف عظم ما جناه عمر على الأمة يوم ولىَّ معاوية على الشام، وجاء من بعده عثمان ليبقي معاوية، وهو بالطبع ابن عمه، ليبقيه ملكاً على الشام، وليس فقط والياً.
الإمام علي (عليه السلام) كأنه يحذر الأمة إذا ما بقي هذا الشخص ولو لحظة واحدة والياً على منطقة فيها فإن التاريخ سيتحول إلى تاريخ مظلم، وإن الدين ستطمس أعلامه، وهذا هو ما حدث بالذات, هذا هو ما حدث بالذات.
ويعطي - كما أسلفنا - درساً لنا نحن؛ لنفهم نظرة أهل البيت إلى السلطة، لأن أكثر ما يقوله المنحرفون عن أهل البيت والمضللون على الناس: أن ذلك إنما تحرك لأنه يريد أن يحكم، إن هذا إنما ثار لأنه يريد أن يصل إلى السلطة!.
إن من يتأمل تاريخ أهل البيت سيجد أنه ليس فقط مجرد حالة بل مبدأ لديهم ثابت أنه يجب أن لا يكون للسلطة عندك قيمة تساوي شراك نعلك؛ لماذا؟ هل لأنك تبدو زاهداً، أن هذا هو مظهر من مظاهر الزهد، وأنه لا يهمك أمر الأمة؟ أن يحكمها من يحكمها؟.. لا.
إن علياً يوم قال هذه العبارة لا يعني أنه لا يهمه أمر الأمة أن يحكمها من يحكمها، وأنا لا أرغب أن أحكمكم، أنا زاهد متقشف، أنا لا أرغب أن أحكمكم حتى وإن استطعت أن أحيي الحق وأميت الباطل.. ليس هذا منطق علي، إن علياً يقول لا يجوز أن يحكم المسلمين بحال من يعشق السلطة، من يعشق المنصب.
والذي فهم هذا الإمام الخميني - رحمة الله عليه - يوم قال لابنه وهو يوصيه: ((لا يجوز أن تبحث عن منصب، لا يجوز أن تجري وراء الحصول على المنصب حتى وإن كان منصباً دينياً)). أنت تريد أن تصل إلى أن تصبح [آية الله العظمى]، أو أن تصل إلى لقب [حجة الإسلام والمسلمين]، أو عناوين من هذه. إن عشق المناصب هو ما يمكن أن يضحي بالدين، ويضحي بالأمة، ويضحي بكل شيء.
إن علياً (عليه السلام) ترك شاهداً حياً على أنه فعلاً لم يكن يعشق السلطة لهذا الاعتبار، لهذا الاعتبار الذي ذكرناه.. يوم أن رفض أن يبقي معاوية، واسأل أي زعيم من هؤلاء الزعماء, واسأل أي خليفة من أولئك الخلفاء.. أليس أي واحد منهم سيرى أن من مصلحته, ولا يرى في ذلك ضيراً، بل يراه من الحكمة, ويراه من السياسة، أن يبقي مثل معاوية, وأسوء من معاوية، أن يبقيه والياً ولو إلى الأبد، من أجل أن يبقى له منصبه، ويحتفظ له كرسي سلطته.
الإمام علي (عليه السلام) ترك مثالاً حياً لنا، ونحن - أيها الإخوة - بحاجة إلى أن نعرف تاريخ أئمة أهل البيت لنستطيع أن نفضح كل من يقول أنهم كانوا يلهثون وراء السلطة, الكل يلهثون وراء أن يقوم حكم الله في أرضه على عباده، أن تقوم شريعته فتكون هي التي تحكم عباده، أن يسود هديه كل المعمورة التي يعيش عليها عباده. هذا مبدأ إسلامي: أن الدولة الإسلامية, أن الحكومة الإسلامية هي جزء لا يتجزأ من هذا الدين.
ولكنهم يرون أنه لا يجوز بحال أن يكون لدى حتى علي أو الحسن أو الحسين أو زيد أو الهادي أو أي شخص من تلك النوعية أن يكون لديه عشق للسلطة، عشق للمنصب.
ألسنا نرى أننا أصبحنا نُواجه وتُواجه الأمة بكلها بأن يضحى بها على يد زعمائها.. أليس هذا ما هو حاصل؟ وكل ما نسمعه لأجل الحفاظ على المصلحة وعناوين أخرى!. إن السر الحقيقي هو أن أولئك يعشقون السلطة. يجب أن نفهم هذا حتى نميز بين أساليب من يعشقون السلطة، وكيف ستكون العواقب الوخيمة حتى ولو انطلق باسم الإسلام، حتى ولو حكم تحت عنوان إسلامي، حتى ولو حمل لقب [خليفة أو أمير المؤمنين!] أو غير ذلك.
ألم ينهزم [أمير المؤمنين محمد بن عمر!] في أفغانستان وهو باسم خليفة المسلمين؟! هل أنهزم علي أو انهزم الحسن أو انهزم الحسين أو انهزم زيد؟ أو انهزم الهادي أو انهزم قبلهم محمد (صلوات الله عليه وعلى آله)؟.
لا. لا يجوز لأمير المؤمنين أن ينهزم، إذا انهزم فإنه من يعشق السلطة، من يعشق الحياة، من يعشق المنصب، هو يريد أن يتمتع أياماً متتالية بلقب [أمير المؤمنين]، و نحوه من الألقاب.
عودوا - أيها الإخوة - إلى تاريخ أهل البيت، ادرسوه دراسة حقيقية واقعية حتى تجدوا أنه ليس هناك مكان لتلك المقولة: بأنهم كانوا إنما يثورون من أجل أن يصلوا إلى السلطة، وأنهم كانوا عشاق سلطة. هم عشاق حق، هم من قال لهم جدهم - وهو يوصي الحسن - ((وخض الغمرات للحق حيث كان)) خض غمرات الموت من أجل الحق حيث كان. هذه هي طريقتهم.
وعندما نعرف أن الإضلال الذي تبناه معاوية طيلة أيام إمارته، ثم بعد أن أصبح يحمل لقب خليفة يحكم البلاد الإسلامية بعد استشهاد الإمام علي (عليه السلام), ثم من بعد استشهاد الإمام الحسن (عليه السلام) رأينا كيف حول ذلك المجتمع إلى مجتمع يناصر الباطل، ويقف في صف الباطل.
ورأينا أيضاً - أيها الإخوة - كيف يكون الجانب الآخر - وهو ما كنا نقوله أكثر من مرة - : أن الجرائم ليست في العادة هي نتيجة عمل طرف واحد فقط, المجرمون من جهة, المضلون من جهة يجنون، والمفرِّطون والمقصرون والمتوانون واللائباليون هم أيضاً يجنون من طرف آخر.
فالجريمة مشتركة, الجريمة مشتركة من أول يوم حصل الإنحراف بمسيرة هذه الأمة عن هدي القرآن، وهدي رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، وكيف يمكن أن يسمع الناس منطق الحق ثم نراهم في يوم من الأيام يقفون في وجه الحق، في صف الباطل، هذا هو الذي حصل بالنسبة لأهل العراق.
معاوية أضل أهل الشام فكانوا قاعدة لإمارته وخلافته، وقاعدة لخلافة ابنه يزيد، وكانوا جيشاً قوياً يتحركون لتنفيذ أهدافه, وأهل العراق من جانب آخر. ما الذي حصل؟. ألم يعش علي (عليه السلام) بينهم سنين خلافته ماعدا الأيام الأولى منها كانت في العراق.. وعلي ببلاغته.. علي بمنطقه.. علي بحجـته.. علي بمعرفته وعلمه الواسع ((باب مدينة العلم)) هو من كان دائماً يتحدث مع أهل العراق، من كان دائماً يوجه ويتحدث ويرشد ويعلِّم ويحذِّر وينذر من عواقب الأمور.
فلماذا رأينا أهل العراق يقفون هم قبل أهل الشام في صف يزيد في مواجهة الحسين نفسه؟! إنه التفريط، ليس فقط التفريط أمام الحدث، بل التفريط يوم نسمع التوجيهات فلا تعطيها أهميتها. أن تحصل حادثة معينة، فتتقاعس، تقاعسك، قعودك، إنما هو نتيجة لتفريطك الأول يوم كنت تسمع توجيهات علي، يوم كنت تسمع إنذار علي، يوم كنت تسمع الحِِكَمَ تتساقط من فم علي كالدرر، فتنظر إليها و كأنها بَعَر، لا تهتم بها.
التفريط.. التفريط إنما هذا منبعه: يوم أن يسمع الناس الكلام، ويسمعون التوجيهات ويسمعون منطق الحق ثم لا يهتمون ولا يبالون، ولا يعطون كل قضية ما تستحقه من الأهمية.
لماذا تربع أبو بكر على الخلافة بعد أن سمع المسلمون ما قاله الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) في يوم الغدير وما سمعوه قبل ذلك وبعده؟ سمعوا علياً، وسمعوا محمداً (صلوات الله عليه وعلى آله)، وسمعوا كل شيء, لكن [وأبو بكر لا بأس المهم واحد]!، حالة اللامبالاة.
من هنا بدأ التفريط، فتربع أبو بكر على الخلافة، ولولا أبو بكر لما كان عمر كما قال عبد الله بن حمزة [ولولا عمر لما كان عثمان، ولولا عثمان لما كان معاوية، ولولا معاوية لما كان يزيد]. لولا تفريط أولئك لما كان أبو بكر من البداية، ولولا تفريط أهل العراق يوم كانوا يسمعون علياً يتحدث، ومن أبلغ من علي بعد القرآن وبعد الرسول! ومن أبلغ من منطقه, وأعظم أثراً - إن كان هناك ما يمكن أن يترك أثراً - بعد القرآن وبعد كلام الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) من مثل كلام علي؟!.
ذلك التفريط هو الذي جعل أهل العراق قبل أهل الشام يصلون إلى كربلاء فيحاصرون الحسين (عليه السلام) وأهل بيته، وجعلهم قبل أهل الشام يوجهون النبال إلى صدره، وهم من عاش بينهم علي (عليه السلام) سنين يحدثهم ويعظهم ويرشدهم؛ لماذا؟ ما الذي أوصلهم إلى هذا الحد؟.
هم فرطوا, وعندما يفرط الإنسان فيما يسمع ستأتي البدائل المغلوطة، إما أن يتلقاها من أمثاله ممن يفهمون الأمور فهماً مغلوطاً، ممن لا يعرفون عواقب الأمور,.أو من جهة نفسه هو فيكون هو من يحلل, ومن يحاول أن يضع لكل قضية حداً معيناً، يظن أنها لا تتجاوزه. ربما كانوا يتصورون أن الحسين هو المشكلة.. يمكن أن يُصفى الحسين وتبقى الأجواء طبيعية!.
بعد أن قُتل الحسين.. (عليه السلام) هل بقيت الأجواء طبيعية؟ هل استقر وضع أهل العراق؟ أم بدأ العراق يغلي، أم بدأت النكبات, والكوارث تتابع على أهل العراق جيلاً بعد جيل إلى هذا العصر الذي نحن فيه. لم يسلم أهل العراق، لم يسلم لهم دينهم، لم تسلم لهم دنياهم، لم تسلم أنفسهم.
ما أسوء الإنسان أن يسمع كلمة الحق ثم يرى نفسه في يوم من الأيام يقف في وجه الحق يضربه بسيفه، إنه أسوء من ذلك الذي تربى على الضلال من يومه الأول، إنه أسوء من أولئك؛ ولذلك تجد مثلاًً واضحاً على هذا.. أليس تاريخ العراق أسوء من تاريخ سوريا, أليس العراقيون في كل عصر لا تجد شعباً من الشعوب في البلاد العربية أكثر نكبات, وأكثر مآسي من شعب العراق نفسه؟ لأن شعب العراق هو الذي سمع علياً أكثر من أي شعب آخر.
علي خرج أياماً معدودة إلى اليمن، وبقي أياماً معدودة في المدينة بعد خلافته، وكان في المدينة لا يتفوه بكلمة في ظل الخلفاء الثلاثة, لا يريدون أن يتفوه بكلمة، لكن معارفه وتوجيهاته وحكمته انصبت في الكوفة على آذان ومسامع أهل العراق ففرطوا.. ففرطوا فكانت عواقبهم أسوء من عواقب أهل الشام أنفسهم.
وعندما يكون الإنسان من هذه النوعية فقد يصحوا في يوم من الأيام لكن في الوقت الذي لا ينفع. أهل العراق ندموا بعد، وتاب الكثير من تفريطهم في الإمام الحسين إذ لم ينصروه وخرجوا ثائرين، وقتلوا مَنْ قتلوا الحسين (عليه السلام) وثاروا, ثأروا لقتله لكن بعد فوات الأوان، بعد فوات شخصية عظيمة كالحسين.
لو كانت تلك التضحية، لو كان ذلك الصمود، لو كان ذلك التفاني، لو كان ذلك الإهتمام، لو كان ذلك الوعي في وقته، يوم كان الحسين متوجهاً إلى الكوفة لاستطاعوا أن يغيروا وجه التاريخ بأكمله، وليس فقط وجه العراق، لاستطاعوا أن يعيدوا الأمة إلى ما كان يريد لها الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) أن تكون عليه.
قتلوا الآلاف, وقُتل منهم الآلاف لكن بعد فوات الأوان، بعد فوات شخصية كالإمام الحسين. وأعظم ما تتعرض له الأمة أو من أعظم نكبات الأمة أن تفقد عظماء كالحسين وعلي وزيد والحسن وأمثالهم من أعلام الهدى، خسارة عظيمة.
فنحن - أيها الإخوة - عندما نتحدث عن كربلاء لا نتحدث عنها فقط من الجانب العاطفي، الجانب العاطفي مثير لكن قد يجعل القضية تتجمد في عصرها، ويجعلنا نحن لا نستطيع أن نستلهم منها الدروس والعبر، ولذا حاولنا أن يكون إحياؤنا لهذه الذكرى هو فعلاً حديث عن ما حدث فيها من مآسي كشفت عن وحشية أولئك الظالمين، وخشونة طباعهم, وخبث أنفسهم.
ونعرف أيضاً الأسباب التي أدت لمثل تلك؛ لأنها أسبابٌ الناس يعيشونها في كل عصر، نحن نعيش - فيما أعتقد - الأمة المسلمة هي تعيش الحالة, الحالة نفسها، الأسباب نفسها التي هيأت الظروف لأن يسقط بين أيديها مثل علي والحسن والحسين وزيد ومحمد بن عبد الله النفس الزكية وغيرهم من عظماء أهل البيت، الحالة نفسها واحدة.
سنظل دائماً نئن ونتوجع من الأحداث ولا نهتدي لحل, ولا نعرف من الذي وراء ذلك، إذا لم نعد إلى دراسة أسباب الأشياء من أولها, نعود إلى دراسة الأسباب الأولى للأحداث حتى نعرف ما إذا كان هناك في واقعنا شيء من هذه الأسباب متوفر, شيء من هذه الحالة التي أدت إلى تلك النتائج السيئة تعيش عليها الأمة، فإذا ما وجدنا أنفسنا نعيش نفس الشعور، نعيش نفس الحالة فاعرف بأنك إنما ستكون مثل أهل العراق، مثل أهل الشام الذين ظلوا دائماً يتوجعون، مثل هذه الأمة من أولها إلى حاضرها, تتوجع من الأحداث، تتوجع من الكوارث، وتئن وتصرخ ولا ترى مخرجاً, ولا تعرف حلاً.
وحتى نعرف, وحتى يعرف كل واحد منا أنه يعيش نفسية الشخص الذي أغمض عينيه يوم صعد أبو بكر على كرسي الخلافة، وأنك تعيش نفسية ذلك العراقي الذي كان يسمع علياً يتحدث بمسجد الكوفة، وتحمل نفسية ذلك العراقي يوم خرج الحسين متجهاً إلى الكوفة، ويوم دخل عبيد الله بن زياد إلى الكوفة، حتى تعرف أنك لا تختلف عن أولئك، إذا ما وجدت نفسك أمام أي قضية, أمام أي حدث، تجد هناك من يذكرك بمسئوليتك، ويذكرك بخطورة عواقب تلك الأحداث يذكرك بعقوبة تفريطك ثم لا تهتم، فإنك من قد تجد نفسك في يوم من الأيام ليس فقط ضحية لتفريطك، بل تجد نفسك في موقف أسوء من ذلك الموقف، تجد نفسك في صف الباطل تقف في وجه الحق، تساق إلى مواقف الباطل.
وهذا لم يكن فقط ما حصل للعراقيين وحدهم في التاريخ، لقد حصل للكثير من البشر على امتداد التاريخ, تاريخ هذه الأمة، كم من الأشخاص ممن هم يُحسبون على جانب الحق، ممن سمعوا توجيهات الحق, وسمعوا صوت الحق ودعوا إلى الحق ففرطوا فرأوا أنفسهم يساقون إلى ميادين نصر الباطل!.
نحن - أعتقد - إذا لم ننطلق في مواجهة الباطل، في هذا الزمن فإننا من سنرى أنفسنا نساق جنوداً لأمريكا في ميادين الباطل في مواجهة الحق. لا يجوز بحال إذا كنا نحن من نلوم أولئك، أي واحد منا يلوم أهل الكوفة أليس كذلك؟ يلوم أهل العراق، يلوم ذلك المجتمع الذي لم يصغ لتوجيهات الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) بعد أن ولى علياً, يلوم أهل المدينة، يلوم أهل البصرة، يلوم أهل الشام، يلوم.
إذا كنا فقط إنما نلوم الآخرين، ولا نعرف على ماذا نلومهم، أنت تلومهم لأنهم قتلوا الحسين, أليس كذلك؟ فعلاً يلامون على أنهم قتلوا الحسين, لكن ما الذي جرّهم إلى أن يقتلوا الحسين؟.
أنت تعيش النفسية، تعيش الحالة التي جرتهم إلى أن يخرجوا ليواجهوا الحسين، فَلُمْ أنت نفسك, ولمُهم أنت على تفريطهم يوم كانوا يسمعون علياً، واحذر أنت أن تكون ممن يفرط وهو يتكرر عليك هدي علي، وهدي القرآن الكريم الذي هو فوق كل هدي.
فاضل عيدان
فاضل عيدان
Admin

عدد المساهمات : 54
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 19/03/2014
العمر : 39

http://ansaralmhdy.ahlamuntada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

دروس من هدي القران  ذكرىاستشهادالإمام علي عليه السلام Empty رد: دروس من هدي القران ذكرىاستشهادالإمام علي عليه السلام

مُساهمة من طرف فاضل عيدان الأحد يونيو 19, 2016 1:49 am

تابع دروس من وحي عآشوراء القاها السيدحسين بدرالدين الحوثي

أوليس القرآن الكريم حياً بين أظهرنا؟ أولسنا نقرأه؟ أولسنا نحاول أن نعرض الأحداث على القرآن الكريم لنستلهم من خلال القرآن ما هو الموقف المطلوب منا؟ بل لنحصل من خلال القرآن على وعي وبصيرة نفهم من خلالها ما يدور حولنا؟ فمن يُعرض، من يُفرط، من لا يهتم، من لا يبالي إنه يعيش نفسية من يلومهم قبل ألف سنة وأكثر من ألف سنة.
بل أرى أن اللوم علينا أشد.. لماذا؟ عادة الناس إذا تحدث معهم رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) وحذرهم من عواقب الأمور، الكثير من الناس هو يكون من أولئك الذين يريدون أن ينظروا إلى الأشياء متجسدة أمامهم حتى يصدقوا، وحتى يستشعروا الخطورة، وحتى يهتموا, أو يكون لهم موقف, يريدون كما قال بنو إسرائيل: {اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ}(الأعراف: من الآية138) بعد أن خرجوا من البحر، بعد تلك الآية العظيمة، الآية الدالة على قدرة الله سبحانه وتعالى.
وهم مؤمنون بالله، لكنهم ما زالوا يريدون أن يروا إلهاً متجسداً أمامهم، حتى قالوا: {لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً}(البقرة: من الآية55) ألم يقولوا هكذا؟ {لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً}هذه الروحية: [لن نصدقك حتى نرى الأحداث ماثلة] هذا هو الغباء، هذا هو الخطأ، هذه هي الأمية الحقيقية، هذه هي الجهالة، هذه الروحية هي التي تؤدي إلى ضرب الأمة في كل عصر.
الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) عندما كان يتحدث.. القرآن الكريم ((فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم)) يتحدث هو أيضاً عن عواقب الأمور، عن عواقب التفريط، عن عواقب اللامبالاة، عن أضرار الضلال والباطل عليكم في الدنيا قبل الآخرة.
الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) أيضاً تحدث لكن لم تكن هناك أحداث واسعة بسعة ما يسمعونه من حديثه، وهم من نوعية من يقول في واقعه - من حيث لا يشعر - [لن نؤمن لك حتى نرى عواقب الأمور جهرة!].
الإمام علي (عليه السلام) تحدث مع الناس، وكانت أيضاً قد عرضت في الحياة أحداث كثيرة، فكان من المفترض أن يكون من يعيشون في عصر علي - لأن منطق علي هو منطق القرآن، ومنطق محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) - أن يكونوا أكثر وعياً؛ لأنهم من قد شاهدوا الأحداث الكثيرة والمتغيرات من بعد موت الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) إلى أن قام علي، ورأوه فوق منبرهم في الكوفة يتحدث معهم ويوجههم.
كذلك من جاء بعدهم، نحن في هذا العصر من أمامنا رصيد هائل من الأحداث، أمامك كربلاء، وأمامك يوم الحرة، وأمامك ضرب الكعبة، وأمامك استشهاد زيد، واستشهاد أصحاب [فَخْ]، وأمامك الأحداث تلو الأحداث الرهيبة التي تكشف لك عواقب التفريط والضلال والتقصير والجهل، أصبحت مثلاً شاهداً من واقع الحياة تستطيع أن تضربه مثلاً أمام كل قضية تتحدث عنها. إذا ما كنا نحن لا نفهم بعد ولا نعي وأمامنا رصيد من هذه الأحداث، أمامنا كربلاء التي نحن في هذا اليوم نتحدث عنها، ونستلهم العبر منها.
هذا الحدث نفسه إذا لم تكن أنت، وأنت في هذا العصر من يفهم الأمور - وأمامك هذا الرصيد - فإنك أسوء ممن خرج يقاتل الحسين، أنت أسوء ممن خرج يقاتل الحسين.
وإذا كان أولئك لتفريطهم هيئوا الساحة لأن يتولى يزيد فأنت هنا لتفريطك ستهيئ الساحة لأن يحكمها [بوش]، ولتحكمها إسرائيل، فيحكمها اليهود، أوليس اليهود أسوء من يزيد؟ إن من يهيئ الساحة لتحكمها أمريكا، من يهيئ الساحة لتحكمها إسرائيل، من يهيأ الساحة لتحكمها ثقافة الملعونين من اليهود والنصارى بدل ثقافة القرآن هم أسوء ممن شهروا سيوفهم في وجه الحسين.
لأنها كلها حالة عربية واحدة، كلنا نحن العرب حالة مترسخة لدينا: {لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً} ((حَذْوَ بني إسرائيل)) هم قالوا: {لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً}(البقرة: من الآية55) لن نؤمن لك يا علي عندما تقول: ((والله إني لأخشى أن يُدَال هؤلاء القوم منكم؛ لاجتماعهم على باطلهم وتفرقكم عن حقكم)) لن نؤمن لك حتى نرى معاوية جهرة فوق منبرنا فنعلم أنه فعلاً أنه قد أُدِيْلَ منا.
لن نؤمن لك يا حسين، لن نؤمن لك يا علي إلا بعد أن نرى يزيد فوق منبرنا، لن نؤمن لك إلا بعد أن نرى سيف يزيد مشهوراً على رقابنا، لن نؤمن لك حتى نرى أمريكا ونرى الأمريكي يوجه بندقيته إلى صدورنا، لن نؤمن لك حتى نرى نساءنا يخرجن متبرجات كالأوربيات في شوارعنا، لن نؤمن لك حتى نرى القرآن تُمَزَّق صفحاته في مساجدنا, لن نؤمن.. لن نؤمن.. هي الحالة العربية التي ضربت العرب، وضربت القرآن، وضربت الدين, نحن نعيشها [لن نؤمن لك حتى نرى...]
نحن - أيها الإخوة - يجب أن ننسف هذه الكلمة من مشاعرنا, ومن عقولنا, ومن أذهاننا [أنني لا أصدق إلا عندما أرى الأشياء ماثلة] إذا كنت من هذا النوع إذاً أمامك على طاولة التاريخ الشواهد الحية لهذه، ألا يكفيك شواهد حية على مدى [1400 عام]؟. ألا تكفيك شواهد إذا كنت ممن يريد أن يرى الأشياء أولاً هاهي أمامك كربلاء، هاهي أمامك [الحَرَّة]، هاهي أمامك ضرب الكعبة، هاهي أمامك الأحداث, تلك الأحداث, هي مثلٌ على كل ما نحدثك عنه.
إذا كنت لا تريد أن تكتفي بهذه الشواهد - التي هي شواهد حية، أحداث تجسدت في التاريخ بل تريد [موديلاً] جديداً من الأحداث - فأنت أيضاً أسوء ممن قالوا: {لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً} أولئك الذين خرجوا ليشهروا سيوفهم في وجه الحسين هو ملعونون، ألسنا نلعنهم.
نعتبر أنهم ارتكبوا جريمة من أفضع جرائم البشرية على طول تاريخها، لكنهم في الواقع لم يكن أمامهم رصيد من الأحداث، والأمثلة الحية، وهم كمثلنا نحن وهم عرب ممن يعيشون في أنفسهم وتترسخ في أنفسهم [لن نؤمن لك حتى نرى ما تحدثنا عنه ماثلاً أمام أعيننا]. نحن نشاهد في التاريخ الأمثال الكثيرة، إذا كنت أنت تريد أمثالاً جديدة فإنك أنت أيضاً تعيش حالة يجب أن تسخر فيها من نفسك، تريد [موديلاً] جديداً من الأحداث، تلك أحداث ماضية بالية, أحداث ماضية أنا أريد أحداثاً جديدة، أريد أن أرى تلك الأحداث ماثلة أمام عيني فألمسها وأشاهدها، وأحس بوطأتها أنا!.
لا يجوز بحال - أيها الإخوة - أن نظل قاصرين في وعينا إلى هذه الدرجة وأمامنا هذا الرصيد المهم من الأحداث طوال التاريخ.
أكرر هذا؛ لأنها حالة نلمسها عند الجميع، ولأنها حالة قائمة لاحظ كيف أننا نقتنع بالمبررات الواهية المكذوبة التي ليست منطقية ولا معقولة ولا واقعية، يُصدِّرها الأمريكيون، يُصَدِّرها اليهود وعملاؤهم فيتحدثون بها فنقتنع, ونسكت ونجلس، بل نحن من وصلنا إلى أن نجعل تلك الحالة هي الحكمة، هي منطق الحكمة، هي منطق الحفاظ على الأمن، هي منطق الحفاظ على المصلحة العامة للشعب. والحكمة هي نفسها التي قال الله عنها: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً}(البقرة: من الآية269) أصبحنا نعتبر قصور وعينا وجهلنا هو الحكمة.
إن الحكمة أن تعود إلى التاريخ، وتعود إلى القرآن، وتأخذ العبر والدروس من خلال تلك الأحداث, وتأخذ المقاييس الثابتة والوعي والبصيرة من خلال القرآن الكريم هنا الحكمة؛ حتى ترى في الأخير أن التفريط, أن السكوت, أن الجمود, أن التفكير في أنك ستسلم كلها متنافية مع الحكمة، كلها ليست واقعية، كلها هي سبب النكال، وسبب الخزي في الدنيا، وسبب أن تكون من يتلقى الضربات تِلْو الضربات من أعدائك، هذه ليست حكمة.
ونحن - أيها الإخوة - أيضاً هناك ما هو أسوء من هذا، في الوقت الذي نحن نشاهد زعماء العرب جميعاً في موقع نحن نسخر منهم، أنهم فرطوا في هذه الأمة، وأنهم دائماً يتحدثون عن السلام، ويبحثون عن السلام من أمريكا، ثم عندما وصلت الأمور إلى ساحتنا - نحن المواطنين - إذا بنا نكرر العبارة نفسها، ونتخذ الموقف نفسه، [نريد السلام، والأفضل هو أن نسكت وأن نجمد وأن نحاول أن لا نثير وأن.. وأن..]!.
أليس هذا هو ما كنا نلوم عليه زعماء العرب؟ أليس هذا هو ما نلوم عليه أننا نسمع أنه قد يمكن أن يخرج المؤتمر - مؤتمر القمة الذي سينعقد في بيروت - أن قراره قد حُسِم هي التسوية مع إسرائيل، هي المصالحة مع إسرائيل لتتوقف الإنتفاضة؛ لأن تلك العمليات البطولية التي ينفذها الفلسطينيون أصبح الزعماء هؤلاء يخافون منها كما تخاف منها إسرائيل نفسها، وإلا لماذا؟.
هذا موقف غير طبيعي، الموقف الطبيعي أنك عندما تشاهد الشعب الفلسطيني في انتفاضته بدأ يستخدم الوسيلة الصحيحة فبدأ يضرب العدو ضربات موجعة هو أن تدعمه بالسلاح، أن تدعمه بالرجال، أن تسانده بالمال من أجل أن يتمكن في مواصلة أعماله ليحرر نفسه وليرفع الظلم والجبروت عن كاهله، أما أن تبادر إلى تسويات تجعل ذلك الشعب يتوقف وتصنع أمامه عائقاً، فإذا ما تحرك نفس التحرك بدا أمام الجميع كله أنه عمل غير مشروع! لماذا؟!. هذا عمل غير طبيعي.
إن هذا يدل على أنك تخاف من الإنتفاضة نفسها كما يخاف منها الإسرائيليون؛ لأن تلك العمليات, لأن تلك الأعمال البطولية، وتلك الإنتفاضة هي التي جعلت العرب, كما نشاهده اليوم مظاهرات في معظم البلدان الإسلامية, مظاهرات يرفعون فيها شعارات تهتف ضد أمريكا وضد إسرائيل، ويحرقون فيها العَلَم الأمريكي، ويحرقون فيها العَلَم الإسرائيلي، سخط يتنامى ويتداعى في الساحة العربية. يعرف هؤلاء أن هذا السخط ليس في صالحهم، أن الشعوب أن تتجه هذا الإتجاه، ليس في صالحهم هم, نفس الحاكمون، إذاً فليوقفوا هذا.
نحن أسوء من هؤلاء عندما نربط نظرتنا إلى الأحداث وموقفنا من هذه الأحداث بهم، هذا هو الموقف السيء. لماذا؟ أنت عندما تخرج في مظاهرة تؤيد فيها تلك الأعمال، وتؤيد فيها أولئك الأبطال، ألست تطلب منهم أن يواصلوا المسيرة؟ وأنك تعلن عن وقوفك إلى جانبهم, وتأييدك لأعمالهم؟ ألست بعملك هذا تحاول أن توجه رسالة إلى عدوك وعدوهم أن الجميع قد يقفون كلهم في وجهك؟.
إذاً فليس من الطبيعي أن تقف من القضية موقف زعمائك الذين هم سيضحون بهذه الأعمال البطولية، ويكون قرارهم مما يدعو إلى إيقافها.
فنحن عندما نشاهد هذه الأحداث، ونحن عندما نكون من يعرف أنها أحداث موجهة ضد ديننا, وضد أمتنا، وضد أنفسنا, وضد مصالحنا ثم نقف منها موقف الزعماء فهذا هو أيضاً دليل آخر على أنك أسوء من ذلك العراقي الذي وقف موقف يزيد من قضية مواجهة الإمام الحسين, أنت أسوء منه.
أنت هنا تخرج في هذه المظاهرة تعبر عن هذا الموقف، وترى الزعماء يعبرون عن موقف آخر، ثم أنت من يرتبط بهم وأنت من تؤيد ما وصلوا إليه، ثم عندما تصل القضية إلى ساحتك أنت من تتبنى نفس الموقف الذي تبنوه، أنت من تقول: لا ينبغي أن نرفع مثل هذا الشعار، نحن نخاف أن تضربنا أمريكا، نحن نخاف [العصا الغليظة] العبارة الجديدة [العصا الغليظة] لتعرفوا صدق قول الله سبحانه وتعالى: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ} (المائدة:52).
ألم يكونوا دائماً يقولون: حفاظاً على مصلحة الشعب؟ إن الإمام علياً (عليه السلام) يقول: ((ما أضمر إنسان شيئاً في قلبه إلا ظهر على قسمات وجهه وفلتات لسانه)) يوم كانوا يتحدثون عن الحفاظ على الأمن ومصلحة الشعب، ومن أجل التنمية - وهو منطق الزعماء جميعاً - بدأ الصدق, صدق ما في قلوبهم: يخشون {نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ}(المائدة: من الآية52) بعبارة: [نخاف العصا الغليظة].
نحن يجب أن نقول: نحن لا نخاف تلك العصا التي تسمونها غليظة، ونحن لا يجوز أن نخاف من أي عصا في هذه الدنيا.
كلمة: {مَرَضٌ} في القرآن الكريم واسعة جداً، واسعة جداً، مجمل ما تعني: أنه موقف غير طبيعي، موقف غير سليم، موقف غير صحيح، موقف غير واقعي, أن تسارع إلى أعدائك وأعداء دينك، أن تسارع إليهم، أن تثبط الأمة عن مواجهتهم، ثم تتحدث بأنه من أجل الحفاظ على الأمن والمصلحة والتنمية ونحوها.
إن الله يقول: إن ذلك موقف من في قلبه مرض، سواء كان زعيماً أو مواطناً عادياً أو وجيهاً أو كيف ما كان، من يقف هذا الموقف في قلبه مرض، وليكن ذلك المرض في أدنى حالاته هو [الجُبن] وهل الجبن منسجم مع الإيمان؟ أم أن الإمام علياً (صلوات الله عليه) هو الذي قال: ((لا تجد المؤمن جباناً ولا بخيلاً)), ((البخل والجبن خَلَّتان يجمعهما سوء الظن بالله)). من كلام الإمام علي (عليه السلام) ((يجمعهما سوء الظن بالله)) مرض، فإذا كان ذلك مرض فيعني أن ذلك الموقف موقف غير صحيح.
ما هو الموقف الصحيح؟ هو الموقف الذي وجه إليه القرآن: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}(التوبة:29) أليس هذا هو الموقف القرآني؟ يخاطب الجميع زعماء وشعوب حكومات وشعوب يخاطب الجميع، كل من يحمل اسم الإسلام. إن هذا هو الموقف لكن ما الذي جعلهم يتخذون مواقف أخرى؟ مرض, وليكن ذلك المرض العشق للمنصب، الحرص على المصلحة الخاصة، أو يكون جبن أو يكون ما كان.
بل أصبحت المسألة - وهي قضية يجب أن نعيها أيها الإخوة - يجب أن نعيها, أصبحوا هم من يتعاملون مع الشعوب، فإذا ما دعونا لمظاهرة ضد إسرائيل، أصبحت فلسطين، أصبحت فلسطين نفسها الآن تستخدم وسيلة لامتصاص غضب الشعوب، لامتصاص غضب الساخطين في هذه الشعوب، الذين قد يصل غضبهم وسخطهم إلى التساؤل لماذا لا يكون لنا موقف؟ ما الذي عاقنا عن أن يكون لنا ونحن أمة لها جيوشها, لها أسلحتها.. ما الذي عاقها عن أن يكون لها موقف؟ فترى نفسها هي من تتفرج على إخوانهم, على أبنائهم, على أمهاتهم في فلسطين, تدمر بيوتهم وتسفك دماؤهم.
أليس الناس يتساءلون بعد من المسئول وراء ذلك؟ أوليس الناس كلهم سيحمِّلون المسئولية حكوماتهم وزعماءهم؟ إذاً قبل أن يصل الوضع إلى هذه الحالة، قبل أن يتنامى السخط، إلى أن يخلق هذه النظرة هلمُّوا أخرجوا إلى الشوارع، اخرجوا ما في نفوسكم، اسخطوا, تكلموا تحدثوا، ثم يعود اليمني، يعود المصري إلى بيته ويرى نفسه وهو في بيته مثل حالته قبل أن يخرج من بيته, ويرى والوضع هو الوضع، والجمعة هي الجمعة, والخطبة هي الخطبة، والموقف هو الموقف, موقف الزعماء هو الموقف.
هذه الطريقة ليتظاهر الناس ولوكل أسبوع على هذا النحو لا يجدي إذا لم يكن تنامي السخط في الأمة هو يتجه من منطلق الإيمان بضرورة أن تصحح هذه الأمة وضعيتها، وأن تبني نفسها؛ ليتجه الجميع لاتخاذ موقف من ذلك العدو الذي نراه يعمل بأبنائنا وأمهاتنا وإخواننا, ببيوتهم بمزارعهم بمساجدهم بمستشفياتهم في فلسطين، وفي أفغانستان، وفي كشمير وفي غيرها من البلدان؛ لنستطيع أن نوقفه عند حده، وأن نقطع تلك اليد التي تعبث في البلاد الإسلامية، في فلسطين وفي غيرها.
وإلا فليتظاهر الناس.. المظاهرة جيدة، والمظاهرة نفسها تترك أثراً أمام اليهود, وأمام النصارى: أن هؤلاء يغضبون, لكنهم سيكونون هم من يأمنون من غضبنا متى ما وجدوا أن غضب هذه الأمة لا يصب في قناة تحتويه فتحوله إلى صخرة تدك عروشهم، حينها سيأمنون غضبنا, وحينها نصرخ كما نصرخ لا يخافون منا.
يجب أن تستغل المظاهرات، يجب أن تستغل الخطب، يجب أن يستغل شعار: [الموت لأمريكا ، الموت لإسرائيل]، وغيره من كل الهتافات التي تنمي السخط في نفس الأمة لبناء الأمة، لتتجه هي هي, لتقف الموقف الذي يفك عن الفلسطينيين وغيرهم من المظلومين ممن تظلمهم أمريكا وإسرائيل وحلفائهم، ليفكوا هم وإلا فكل واحد منكم - وليس محللاً سياسياً وليس مفكراً - لو سألناه إذا كنا كل أسبوع نخرج, أو كل شهر نخرج في مظاهرة من هذا النوع والوضعية على ما هي عليه، ليس هناك من يبني اقتصادنا بناءاً صحيحاً حتى نرى أنفسنا نستطيع أن نتحمل حصاراً يُفرض علينا، نستطيع أن نقف في وجه عدوِّنا، إذا كنا لا نرى أنفسنا تُفتح مراكز للتدريب ليتدرب الشباب جميعاً على الأسلحة.
عندما ادعى الرئيس وقال: من يريدون الجهاد في سبيل الله فليتحركوا إلى فلسطين عبر أيّ القنوات، نقول: أنت قناة من هذه القنوات فسنتحرك عبرك، إذاً افتح مكاتب للتطوع، افتح مراكز للتدريب وسننطلق جميعاً نتدرب، وسننطلق جميعاً لنقاتل.
هذا هو الموقف الصحيح، ونحن نشكر لك هذه العبارة التي قد نراك في أي يوم من الأيام تضطر إلى أن تسحبها: [من كان يريد الجهاد في سبيل الله فهناك إسرائيل يتجه عبر أي القنوات] أنت واحد من هذه القنوات، أنت واحد من المسئولين على طول وعرض هذه الأمة، أنت واحد من الزعماء الذي يجب أن يجعل من نفسه قناة تحتوي هذا الغضب؛ لتبني هذه الأمة بناء صحيحاً تجعل منها أمة مؤهلة لتواجه ذلك العدو.
نقول: إذا كنتم صادقين افتحوا مراكز للتدريب، مَوّلِونا, مولوا شبابنا، افتحوا مكاتب للتطوع وسيتجه الشباب وسنحرض الشباب, وسنتكلم مع الناس ليتطوعوا وليتدربوا، وسنتجه جميعاً نتطوع ونتدرب، ونتجه جميعاً نقاتل. لكن أما أن يكون الحديث على هذا النحو فإننا لسنا أغبياء إلى هذه الدرجة.
نحن نعرف - من قبل أن يتكلم - أن قضية فلسطين أصبحت بؤرة يحاولون أن يصبوا سخط الناس هنا أو هنا ليتجه إلى هناك، هناك فرّغ سخطك, هناك فرغ غضبك، اخرج اهتف في الشارع ضد إسرائيل، تضامن مع الشعب الفلسطيني، ثم عد إلى بيتك وترى الوضع نفس الوضع، وترى مواقف الزعماء هي نفس المواقف، وترى أن الثقافة هي الثقافة والإعلام هو الإعلام، وأمريكا هي أمريكا, وإسرائيل هي إسرائيل.
نحن لا نسمح لأنفسنا ونحن قد فهمنا - فيما أعتقد - كل شيء، نحن استطعنا أن نفهم كل شيء، وهم في نفس الوقت عندما يتحدثون معنا حديث من يرى أنه وحده من يفهم أمريكا وإسرائيل، ويفهم السياسة في هذا العالم, ويفهم الخطورة في هذا العالم، ويفهم كل شيء، أما أنتم يا أبناء الشعب فليس أحد منكم بمستوى أن يفهم؛ لأننا نحن من نسبح دائماً بحمدهم ونقدسهم ونصفق لهم، حتى أصبحوا يرون أنفسهم عظماء إلى درجة أن رأوا في أنفسهم أنه لا يمكن أن يكون هناك أحد من الناس يفهم الواقع كمثلهم.
نقول: نحن من خلال القرآن، من خلال الأحداث استطعنا أن نفهم الواقع الذي أنتم جزء منه، استطعنا أن نفهم خلاف الفهم الذي أنت تفهمه، فَهْمُكم أنتم هو الذي جعلكم ترون أمريكا وإسرائيل عصاً غليظة، أما نحن فإن فهمنا هو فهم القرآن الذي يقول: {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ}(آل عمران:111) هل هذه عصا غليظة، أم أن هذه قشة؟!. هذه في الواقع قشة، وليست عصاً غليظة.
فمن الأولى بالفهم الصحيح؟ من يرى أمريكا عصاً غليظة أم من يراها وفق ما قال عنها وعن أمثالها القرآن الكريم: {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ}(آل عمران:112)
هذه هي التي ترونها عصاً غليظة، هذه هي التي تجعلكم تضطربون وترتعد فرائصكم أمام مبعوث صغير من أمريكا أو من أي بلد من تلك البلدان التي ترونها كبيرة. إن رؤية القرآن, إن وراء القرآن من نزل القرآن، القوي العزيز، القادر القاهر، هو الذي يريد أن يجعل أولياءه ينظرون إلى أولئك الذين تسمونهم [عصاً غليظة] أنهم ضعفاء {فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً}(النساء: من الآية76) {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}(آل عمران:175).
نحن من فهمنا من خلال القرآن - وهو ما يجب أن يُفهم دائماً بالرجوع إلى القرآن وبالرجوع إلى الأحداث، ونحن أيضاً من نستطيع أن نفهم مصالحنا، ونفهم سلامتنا - إنه إذا لم يسلم ديننا فلا سلامة لنا، لا أمن لنا، لا كرامة لنا.
فعندما يتحدثون بأن من يتحدث عن الجهاد هو قد يؤدي إلى خلق إختلالات أمنية! نقول: إن من يسمح للأمريكيين بالدخول إلى اليمن هو من سيعمل على أن يجعل اليمن بؤرة للفساد، ومن سيجعل اليمن مضطرباً، من سيفقد اليمن أمْنه، وإن كان في الواقع لم يتمتع في يوم من الأيام بالأمن بالشكل الذي يريده اليمنيون، من يدخل الأمريكيين, من يسمح للأمريكيين أن يدخلوا هو من سيشكل خطورة على أمن اليمن, أوليس كذلك؟ لأن من التأكيد أن الأمريكيين لن ينتظروا اليمنيين حتى يتحرك أحد اليمنيين ليعمل شيئاً ضدهم، هم من سيفجرون على أنفسهم، هم من سيضربون أنفسهم، هم من سيضربون على سفارتهم، هم من سيضربون على أي منشئة لهم؛ ليقولوا: إنهم أولئك، إنه ذلك الشخص، أنها تلك الجماعة.
وهم من سيدخِّلون من يسمونهم إرهابيين إلى اليمن، قد يدخِّلون أفراداً من [القاعدة] فيبثونهم في مناطق في اليمن، ثم يقولون: هناك في تلك المنطقة واحد من أفراد القاعدة، هناك في تلك المنطقة واحد من تنظيم طالبان، أولئك هم يحتضنون إرهابيين، هم يساندون إرهابيين، اضربوهم!. لن يبقى لليمن أمن ولا إيمان ولا حكمة، نحن نقول عن اليمن: إنه بلد الحكمة بلد الإيمان (الإيمان يمان والحكمة يمانية) لن تبقى حكمة، ولن يبقى إيمان من بعد أن يدخل الأمريكيون.
وعندما يدخل الأمريكيون في هذه الفترة هو يختلف عن دخولهم إلى أي بلدان أخرى دخلوها قبل عشرات السنين، وأنشئوا فيها قواعد عسكرية، الآن هي المرحلة التي يتوجه فيها أولئك لضرب الإسلام، وضرب الأمة.
دخلوا بلدان وبنوا فيها قواعد عسكرية، وفعلاً انهكوها، وفعلاً أذلوها، وأنهكوا اقتصادها, وأذلوا زعماءها، لكن دخولهم في هذه الفترات لبناء قواعد عسكرية، لإرباك وضعية الأمة.. هو فعلاً سيكون في مرحلة تنفيذ الخطة الأخيرة لضرب الإسلام والمسلمين.
وما أجمل ما قال السيد حسن نصر الله - في تحليل هذه المسألة - قال: [إن أولئك عندما يتحركون ليس من أجل أموالهم ومصالحهم، فأموالهم ومصالحهم في المنطقة مأمونة وهناك قواعد تحميها، وهناك أنظمة تحميها، وليس من أجل خيرات معينة، هم من تصب خيرات الشعوب العربية في بنوكهم، إنه تحرك - قال - لضرب الإسلام، إن المستهدف في هذه الفترة هو الإسلام، هو القرآن، وقد نجد أنهم سيلغون هذه الآيات في المنهج أو في الخطب، أو في أي شيء آخر] هكذا تحدث في أول ليلة من ليالي عاشوراء، في هذه المناسبة التي نحن نحتفل بها في هذا اليوم.
من هو الذي يسعى لتحقيق أمن وطنه؟ من ينطلقون لمحاربة أولئك الذين يسعون في الأرض فساداً.. ألم يقل الله عن اليهود والنصارى أنهم يسعون في الأرض فساداً؟ من أين يأتي الفساد؟ من أين يأتي الإرهاب؟ من أين تأتي الجريمة؟. أليس منبعها الفساد الأخلاقي، الفساد الثقافي، الفساد العقائدي، الفساد الاقتصادي؟ يسعون في الأرض فساداً في كل المجالات.
إذا ما انتشر الفساد. ما الذي سيحصل؟ من هو ذلك السياسي الذي يستطيع أن يقول إن انتشار الفساد يؤدي إلى استقرار أمني؟ أليسوا يقولون هم: أن الجريمة تؤدي إلى الإختلالات الأمنية؟ الجريمة تؤدي إلى الإختلالات الأمنية.. من الذي يخلق شاباً، أو يخلق مجتمعاً ينطلق في الجريمة؟.
اقرؤوا أنتم عن الجرائم في أمريكا كم في الدقيقة الواحدة تحدث من جرائم اغتصاب - حسب تعبيرهم - من جرائم سرقة، من جرائم قتل في الدقيقة الواحدة في أمريكا!. في أمريكا نفسها المحلات التجارية يحتاج أصحابها إلى أن يكون داخلها حرس معهم رشاشات لحراستها ممن قد يسطون عليها.
مجتمع مليء بالجريمة، مليء بالإرهاب، مليء بالفساد، مليء بالنهب، لا تستطيع أن تتحرك في مدينة أمريكية وفي جيبك دولارات، فقط شيكات, أوراقاً من هذه التي ليست أوراقاً نقدية، شيكات فقط، أو سندات, حوالات أو نحوها. أما أن تتحرك ولديك لديك في جيبك دولارات فقد يقتلونك ويأخذون الدولارات من جيبك.. هل هو استقرار أمني؟ أو أنه اختلالات أمنية؟.
إن من يفقد اليمن منه هم اليهود والنصارى عندما يدخلون، هم الأمريكيون، هم أولئك الذين قال الله عنهم أنهم يسعون في الأرض فساداً، أنهم يريدون أن نضل السبيل، هم من سيفقدون كل إنسان أمنه حتى داخل بيته.
أين هي جرائم قتل الأبناء للآباء، وقتل الأبناء للأمهات، وقتل الأخ للأخت، وقتل الأخت للأم؟. أليست في بلدان أوروبا؟. هنا تعيش الأسرة كلهم مع بعضهم يأمنون شر بعضهم بعض، بل كلهم يقفون موقفاً واحداً في مواجهة صعوبات الحياة، وفي العمل في سبيل توفير معيشتهم., أليس كذلك؟.
إذا ما تمكن الأمريكيون ستنتشر الإعمال الإرهابية في اليمن, تفجيرات هنا وهناك على أيديهم هم، هم من فجر البرج في نيويورك، سيفجرون أمثاله هنا في اليمن، ويفجرون في كل مكان بحجة أنهم اليمنيون، وهم من سيفسدون أخلاقنا، ويفسدون بنينا وبناتنا، فتنطلق الجريمة في كل بيت، في كل قرية, في كل مجتمع، سيكون هناك نهب، يكون هناك جرائم لا أخلاقية، يكون هناك قتل، يكون هناك كل جريمة تتصورها.
مَنْ الذي يريد الأمن؟ مَنْ يعمل على أن يحارب من يسعون في الأرض فساداً.. أم مَنْ يعمل ويكتب الاتفاقيات معهم ويوقع على اتفاقيات أمنية معهم لدخولهم اليمن؛ ليسعون فيه فساداً؟ أم أنهم سيسلكون طريقة أخرى؟ إنها صفة لازمة لهم حكم بها القرآن عليهم.. دخلوا فلسطين سعوا فيها فساداً، يدخلون اليمن سيسعون فيه فساداً، يدخلون أي شعب سيسعون فيه فساداً. وكلمة {فَسَاداً} تعني في كل مجالات الإفساد ليس فقط في مجال معين، في كل مجال من مجالات الإفساد.
فنحن نقول للآخرين: نحن أيضاً نفهم ما هو الذي يحقق الأمن لبلادنا، لا تتصوروا بأنكم وحدكم من يمكن أن تعرفوا الآخرين، ومن يمكن أن تعرفوا مصلحة الشعوب، ومن يمكن أن تعرفوا ما يحقق للشعوب أمنها وتطورها وتقدمها وحضارتها، نحن من وصلنا إلى أن نحكم على أن سياستكم التي تقوم على هذا الأساس من أولها إلى آخرها خطأ، وتؤدي إلى انحطاط الأمة، وتؤدي إلى أن تصل الأمة إلى واقع أسوء مما وقعت فيه.
من أين ذلك؟ نحن طبعاً ليس لدينا أجهزة معلومات ولا استخبارات لكن القرآن الكريم، والأحداث والتي منها الأحداث التاريخية، وهي ما قلت سابقاً: أن الأحداث التاريخية نفسها هي كافية أن تعطي العبرة ناهيك عن الأحداث التي نحن نعاصرها، تلك الأحداث, والقرآن الكريم هي من يجعلنا نفهم مصالحنا ونفهم أمننا، ونفهم أين هي [العصا الغليظة] عصا جهنم وعصا الخزي في الدنيا والعذاب العظيم في الآخرة، أم عصا أولئك الذين قال عنهم: {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ}(آل عمران:111)..
بل نحن من فهمنا من خلال القرآن الكريم, وما أحوجنا - أيها الإخوة - أن نرجع إلى القرآن الكريم دائماً، وخاصة في هذه المرحلة, الأمريكيون إذا ما تمكنوا - فعلاً - من سيحاولون أن يضيِّعوا القرآن، من يحاولون أن يدوسوا القرآن الكريم بأقدامهم، من سيفصلون القرآن، من سيمنعوننا عن تلاوة آيات معينة من القرآن الكريم.
يجب أن نرتبط بالقرآن الكريم من جديد، ونتعلمه ونعلم أبناءنا وبناتنا ونساءنا، ونكثر من تلاوته، ونهدي مصاحفه لبعضنا البعض وأشرطة تلاوته، نتحرك في إطار أن نشد أنفسنا إلى القرآن من جديد، وأن نرسخ قدسيته ومكانته وعظمته في نفوسنا من جديد؛ لأن القرآن,لأن القرآن هو من لو لم يكن من عظمته وفضله إلا أنه يكشف الحقائق أمامنا. لا يمكن لأي كتاب في هذه الدنيا أن يريك الحقائق ماثلة أمامك.

حقيقة منها عندما نرى زعماءنا في مختلف المناطق متى ما جاء مبعوث أمريكي، متى ما سمعوا خطاباً فيه تهديد لرئيس أمريكا, أو لأي مسئول في إسرائيل، أو أي بلد آخر من تلك البلدان..أليسوا من يظهرون حكماء, ويظهرون لينين, ويظهرون أذلاء، لكنهم متى وقفوا ليتحدثوا أمامنا ويخاطبونا أليسوا من يتحدث بلهجة قوية، وبشدة وبأعين مفتحة، وبأوداج منتفخة، وبالعبارات المُهدِدة؟.. ما الذي يصدق عليهم؟.
إن الله سبحانه وتعالى قال عن نوعية معينة هم من يمكن أن ينتصروا لدينه, هم من يمكن أن يقفوا في مواجهة أعدائه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ للَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ}(المائدة:54) هؤلاء عندما يتحدثون معنا نراهم أعزةً علينا، نحن قد استضعفنا, قد استذلينا, قد أُهنّا من قبل الآخرين، لم يعد حديثكم بهذه اللهجة يشرفكم أن تتحدثوا به أمامنا، نحن في وضعية, وضعية المريض، وضعية المستضعف المقهور المستذل، وهو الذي يحتاج إلى كلمة رقيقة لينة منكم.
لماذا نراكم تتحدثون معنا بهذه اللهجة القاسية وبالأعين المفتحة وبالعبارات الجزلة، وتستخدمون عبارات هي عبارات الفاتحين، عبارات القادة العظماء في ميادين مواجهة أعداء الله، تستخدمونها معنا، وإذا ما كنتم تتحدثون مع أولئك, أو تواجهون تهديدات صرح بها الرئيس الأمريكي نراكم تتحدثون بلين.
أولئك هم من يحتاجون إلى كلمة قاسية، وليس نحن، هم من يحتاجون منا جميعاً إلى كلمة خشنة، إلى موقف صلب في مواجهة تهديداتهم، وفي مواجهة ما يعملونه.. لماذا أصبحتم عكس هذه الآية؟ لأنه فعلاً يكشف أن واقعكم لستم ممن يحب الله، ولا ممن يحبهم الله، ولستم ممن يمكن أن تعتز بهم هذه الأمة، ولا ممن يمكن أن ينتصر بهم الله سبحانه وتعالى لدينه؛ لأنكم أصبحتم هكذا: أعزةً على شعوبكم، قساةً في منطقكم، تتهجمون عليهم، تقسون عليهم [اضربوا بيدٍ من حديد] تستخدمونها في الخطاب مع شعوبكم.
إن مَنْ هم محتاجون إلى الضرب بيد من حديد, يدنا جميعاً - نحن وأنتم - هم أولئك الذين يضربون أبناءنا في فلسطين, وفي أفغانستان, وفي مختلف بقاع البلاد الإسلامية، مَن هو المحتاج إلى ضربة اليد الحديدية أمريكا أم هذه الشعوب المستضعفة؟ أمريكا أم نحن الذين لا نمتلك شيئاً؟.
من هو الذي يشكل خطورة على الدين والدنيا, والأمة والبشرية كلها؟ أمريكا وإسرائيل ومن يدور في فلكهم أم هذه الشعوب المغلوبة على أمرها المسكينة؟ من هو الذي يحتاج إلى أن يُضرب بيد من حديد وإلى أن تُرفع فوق رأسه العصا الغليظة؟ إنهم الأمريكيون والإسرائيليون ومن يدورون في فلكهم، وليست هذه الشعوب المستضعفة.
نحن نقول: إن من نعم الله العظيمة علينا هو القرآن الكريم، الذي استطاع أن يكشف الحقائق كلها ماثلة أمامنا حتى أصبحنا نستطيع أن نعرف زعماءنا هل هم مؤهلون لأن يفكوا عن هذه الأمة هذه المعاناة التي تعيشها، أم أنهم جزء من هذا الواقع الذي تعاني منه الأمة، إنه القرآن الكريم الذي يجب أن نعود إليه، وأنك أيضاً أنت في أي شعب كنت من أبناء هذه الأمة إذا كنت من تخاف مثل تلك الخطب المليئة بالتهديد فإنك أيضاً ممن يرى كل شيء غير الله عصاً غليظة، ممن يرى القشات عصاً غليظة.
إن الله لا يريد لعباده أن يكونوا هكذا، يريد لعباده المؤمنين أن يكونوا من هذه النوعية: {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} فيما بينهم, رحماء فيما بينهم، {أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ}(المائدة: من الآية54)، فعندما نسمع خطابات من تلك النوعية التي توجه نحونا بعبارة مهددة تستخدم من أقسى العبارات التي كنا نتمنى أن نسمع مثلها من هؤلاء الزعماء لنقف في صفهم, و نؤيدهم ونصفق لهم لو أطلقوها في مواجهة أمريكا، لو سمعنا مرة واحدة من زعيم من زعمائنا يقول: إنه يحب أن نقف في وجه أمريكا لنضربها بيد من حديد .. أليست هذه كلمة كانت ستجعل الجميع يصفقون معهم؟ لكنها وجهت في غير مكانها، وجهت إلى غير أهلها.
نحن نقول أيضاً: نحن ممن لا يخاف مثل تلك الخطب, فلا اليد الحديدية, ولا العصا الغليظة يمكن أن تخيفنا أبداً. لأن الله سبحانه أوجب علينا أن لا نخاف غيره، أوجب علينا أن لا نخشى سواه، وذكر لنا أن كل من يخشون سواه أنهم ليسوا مؤمنين، ليسوا متقين، ليسوا جديرين بعزة ولا بحرية ولا بكرامة..هم أيضاً يتحدثون عن الحرية أليس كذلك: نحن يجب أن نحافظ على منجزاتنا ومكتسباتنا وحريتنا وعبارات من هذه، أيّ حرية بقيت للعرب في وضعية كهذه؟ من هو ذلك العربي - زعيماً كان أو مواطناً عادياً - يستطيع أن يقول أن العرب يتمتعون بذرة من الحرية؟ أي ذرة بقيت من الحرية لأي عربي, زعيمٍ أو مواطنٍ وهو تحت أقدام, والجميع تحت أقدام من ضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من الله، هل هناك حرية؟
إن الحرية لا تأتي من خلال العبارات، الحرية تتمثل في عبوديتنا لله سبحانه وتعالى، العبودية التي تجعلنا أعزاء على الكافرين وأذلاء على المؤمنين، هناك الحرية,الحرية التي تجعلنا نضرب أمريكا وإسرائيل بيد من حديد، التي تجعلنا ننظر إلى أمريكا وإسرائيل قشة وليس عصاً غليظة.
نحن نقول: أنه يوم كنا نتحدث ويكون في عباراتنا ما هو عبارات قد تبدو قاسية لديهم هم قد يخافون أنها قد تؤدي إلى إضرار بهم مثلاً فواجهوها بعبارات مهددة .. أليست خطاباتنا كلها موجهة ضد أمريكا وإسرائيل ومن يدور في فلكهم وعملائهم؟ هذا هو كلامنا أم أننا نهدد الناس ونهدد الشعوب حتى يقال: بأن أولئك قد يؤدوا إلى إضرار بأمن الوطن، وأن هؤلاء قد تكون أعمالهم اختلالات أمنية. يجب أن يضربوا بيد من حديد!.
الكل في اليمن, الأحزاب, الخطباء, الناس بدءوا يثورون ضد أمريكا وإسرائيل, بدءوا يسخطون، بدءوا يهتفون بالشعارات، بدءوا يتحدثون عن الجهاد.
إن السياسة الحكيمة لزعيم في شعب كهذا هو أن يسير مسيرة شعبه، أن يتوجه هو ليقف نفس الموقف من أمريكا وإسرائيل، حينها أليس من الطبيعي أن يحظى بتأييد الناس؟ أليس من الطبيعي أن يحظى بالولاء؟ أليس من الطبيعي أن يحظى بشعبية واسعة في أوساطهم؟ لو انطلق يقف من أمريكا وإسرائيل المواقف التي نريد أن نقفها نحن والتي أصبح الخطباء يتحدثون بها في مساجدهم، والناس يهتفون بها كل جمعة، وفي كل مناسبة، والصحف تكتب عنها.. أليس ذلك هو الموقف الحكيم؟.
لكن العصا الغليظة هي التي جعلت أعصابهم ترتجف، وجعلت فرائصهم ترتعد، فلا يمكن.. لا يمكن أن يقفوا في يوم من الأيام موقفاً قوياً ما داموا يرون أمريكا عصاً غليظة, عصاً غليظة على من؟ على الشعوب؟ إذا كانت عصاً غليظة على الشعوب فإن من أقل واجباتكم أن تدعوا الشعوب لتواجه تلك العصا الغليظة دعوها تواجه وأنتم اجلسوا.
حزب الله أليس مجموعة من الشعب - أم أنه سلطة - استطاع هو أن يذيق أمريكا وإسرائيل الأمرين، استطاع أن يجعل الإسرائيليين ترتجف قلوبهم من ذكر [حزب الله]، اسم [حزب الله] أصبحت ترتجف منه أفئدتهم، أصبحت ترتعد منه فرائصهم؟.
دعوا الشعوب تواجه، أما أن تكونوا أنتم من وصل بكم الأمر إلى هذه الحالة من الضعف, إلى هذه الحالة من الوهن، تريدون أن تفرضوا هذه الحالة على الشعوب، و أصبحتم ترون أن كل الناس يرون الآخرين بأعينكم، وينظرون بنظرتكم!، لا, دعوا الشعوب أن تواجه، وكثّر الله خيركم أن تدعوا الناس يواجهون أولئك.
وكنا نقول هذه سابقاً.. كنا نقول نتمنى من هذه الدولة أن تتركنا نحن والوهابيين أول ما دخلوا اليمن، أما عندما نرى أنهم من أفسحوا المجال للوهابيين ليدخلوا، من مكّنوهم من وزارة التربية والتعليم والأوقاف ومن المساجد وغيرها، من مكنوهم ثم متى ما تحدث أحد ضدهم، أو خطب خطيب ضدهم، أو حصلت مشكلة في جامع معهم انطلقوا ليسجنوا الزيدي, ويطلقوا الوهابي.
الوهابي كان يستطيع أن يتصل مباشرة بـ[علي محسن]، والزيدي لا يستطيع أن يتصل بأحد، لا يجيبه أحد حتى المحافظ، حتى إذا ملأوا الشعب من أولئك الناس وجعلونا نقف عاجزين أمامهم؛ إذا بهم يقولون عنهم إرهابيين؛ ليخرج هؤلاء وسنأتي بنوعية أفضل! جاءوا بالأمريكيين، أزالوا الوهابيين وجاءوا بالأمريكيين!.
نحن نقول من جديد كما قلنا سابقاً: دعونا نحن والأمريكيين، دعوا الشعب اليمني هو سيتصرف مع أمريكا، ولن ينالكم سوء، ولن يمسكم سوء، أما أن تفرضوا على الشعب اليمني، ويفرض الآخرون على الشعب في السعودية، ويفرض الآخرون على الشعب في مصر.. وهكذا في كل شعب يفرضون موقفهم وضعفهم ووَهَنَهم على الشعوب فإن هذه من أعظم الجرائم عند الله سبحانه وتعالى، ومن أعظم الخيانة للشعوب وللدين وللأمة.
من أقل المطالب التي يجب أن تستجيب لها عندما يقول لك الناس: دعنا نحن والآخرين، ولا عليك من هذا، أما أن نراك تقف في صفهم, وتقف معهم، أما أن نرى الجيش - الذي يقول دائماً أنه للحفاظ على أمن الوطن وحريته واستقلاله وسلامته - نراهم هم من قد يتحولون في يوم من الأيام - شاءوا أم أبوا - ليتحركوا من أجل الحفاظ على أمن أمريكا، من أجل الحفاظ على أمن اليهود والنصارى.. هل أصبح ذلك الجيش لمصلحة اليمن أم أصبح في الواقع من يحاول أن يحافظ على أمن أمريكا؟.
فعلاً نحن كنا من قبل فترة نطالب.. هناك في المناسبات من يطلقون الرصاص، والرصاص الآن أصبحت تتساقط على رؤوس الناس، قتل فلان وقتلت فلانة، وجرح الكثير، امنعوا هؤلاء.. هل هذا إرهاب؟ أم أنه ليس إرهاباً؛ لأنه ليس داخلاً في إطار التعريف الأمريكي للإرهاب؟. إنه إرهاب لنا اليمنيين نحن في مساجدنا, في مدارسنا, في بيوتنا, في أسواقنا, في مزارعنا، في المناسبات, في الأعراس يطلقون الكثير من الأعْيِرَة النارية فتتساقط الرصاص، امنعوا هؤلاء، هذا شيء يرعبنا، المتقطعون في الطرقات يرهبوننا، النهابون يرهبوننا، لماذا لم تحاولوا أن تعملوا موقفاً واحداً للحفاظ على أمننا نحن اليمنيين؟ لكنكم قد تتحركون بأطقمكم من أجل الحفاظ على يهودي صحفي يتحرك على طول اليمن وعرضه! لو تحرك واحد من علمائنا هل يمكن أن يحظى بمرافقة جندي واحد؟.
لو سقطت آلاف الرصاص فوق رؤوسنا فقتلت كثيراً من الناس هل سيسمعون صراخ الناس [أوقفوا أولئك الذين يستخدمون الأعيرة النارية في المناسبات].
[في الغدير] هناك من يشيِّعون ذلك اليوم بدون أن يطلقوا أعيرة نارية، بعد أن عرف الجميع أن الرصاص تعود من جديد فتتساقط فتجرح هذا وتقتل هذا.. أولئك انطلقوا وأطلقوا آلاف الطلقات، وتساقطت وقتل شخص وجرح نحو أحد عشر شخصاً.. هل تحركوا ليؤمِّنوا الناس؟ لا يتحركون أبداً ليؤمنوا الناس، لكنهم سيتحركون ليؤمنوا الأمريكيين.
ومَنْ هو المحتاج إلى الأمن؟ الناس المساكين أم أمريكا التي لديها الأسلحة؟ أمريكا التي تبعد عن اليمن آلاف الأميال؟!.
ما الذي يضرهم هنا؟ ما الذي يعرض مصالحهم للخطر؟ لا شيء.. لكنا نحن من لم نتذوق طعم الأمن في أسفارنا، في أسواقنا من متقطعين، من نهابين، من رصاص تتساقط, وهكذا، ولا تقبل شكاوينا!. نحن نقول أن الأمن هو مسئولية الدولة، ولا يجوز - ونحن نفهم أنه لا يجوز - لشخص أن يقول: أنه حريص على أمن البلد إذا كان قد سمح للأمريكيين بالدخول إلى اليمن..
إذا كنت حريصاً على مصلحة اليمن, وعلى أمن اليمن، وإذا كان يهمك أمن اليمن, ونرى منطقك صادقاً وصحيحاً فادفع الشر الخطير عن اليمن، ادفع الخطر الجسيم على أمن اليمن، إنه الأمريكيون ودخولهم، إنه إعلان الوقوف معهم في مكافحة ما يسمى الإرهاب.
نحن - أيها الإخوة - إذا ما سمعنا أي كلمة لأي زعيم من زعمائنا فلنعرضها على الواقع، ولنعرضها على القرآن، وستعرف منطق ذلك الزعيم، لا يجوز أن تكون أنت ممن يؤثر فيك خطاب زعيم من هؤلاء الزعماء إلا إذا كان منطقه وفق القرآن، إذا كان منطقه وفق القرآن حينئذٍ يمكن أن نقول .. ككلمة البشير - عندما اجتمع زعماء العالم الإسلامي في الدوحة - جاء بكلمة جميلة، جاء بكلمة قوية، نحن نردد هذه الفقرة منها تقريباً في كل المناسبات، وفي كل المحاضرات، يوم قال: [نحن في مواثيق منظمة المؤتمر الإسلامي كنا ألغينا الجهاد، وقلنا نحن سنستخدم كلمة سلام, ونتعايش مع الآخرين، وهم يقولون أنهم يريدون أن تعيش البشرية كلها في ظل أمن وسلام، فلا وجدنا سلاماً ولا أمناً ولا وجدنا مصداقية لمن يرفعون هذه], ثم قال: [يجب أن نعود من جديد إلى الجهاد لنجاهد في سبيل الله]، وقرأ آيات في الجهاد.

هذا هو المنطق الصحيح لزعيم عربي كهذا, أما من يخوفك من أمريكا، أما أن ينطلق أحد منهم يُخَوِّفك من أمريكا، فارجع إلى القرآن الكريم، ينطلق أحد منهم يريد أن يتحدث معك عن تبرير موقفه، وهو موقف يساعد أمريكا في مكافحة الإرهاب، من منطلق الحفاظ على أمن الوطن ومصلحته وتنميته! فارجع إلى القرآن الكريم، وارجع إلى الدنيا هذه وإلى أحداثها، وإلى البلدان التي دخلتها أمريكا، والشركات الأمريكية والبريطانية، ارجع وستجد الواقع وتجد الصحيح، لتعرف هل هذا الكلام صحيحاً أم لا.
وهكذا يجب أن نعود إلى القرآن الكريم، وأن نعود إلى تاريخنا، وأن يكون إحياؤنا لهذه المناسبات في هذه الوضعية التي الأمة تعيش فيها هو كلام مَنْ يستلهم العبر والدروس ليصحح فهمه، ليصحح نظرته، ليقوي إيمانه، ليعزز من موقفه، لينطلق الجميع انطلاقة واحدة، يخلعون من فوق أبدانهم تلك الأسباب التي أدت بالحسين إلى أن يقتل، الأسباب وتلك الإنحرافات, وتلك النظرات, وذلك الضلال.. ليس فقط من عاشوراء أو من قبل عاشوراء، إنها مسيرة تسير في الناس إلى يومنا هذا.
يجب أن نرفض ذلك، وسنرى كيف سيكون الواقع، وسنرى في الأخير كيف يمكن أن نتحدث عن كربلاء، وعن عاشوراء.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا إلى ما فيه رضاه، وأن يبصرنا، وأن يجعلنا من عباده المؤمنين الذين قال عنهم: {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ}(المائدة: من الآية54) {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}(البقرة: من الآية250).
اللهم إنا نسألك أن ترحم سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين، وأن تجزيه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.
والعن يزيد ومعاوية، وكل من سار على طريقة يزيد، وكل من سار على نهج يزيد, وكل من تعامل مع المسلمين معاملة يزيد، في كل الأزمنة، إلعنهم لعناً وبيلاً.
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين.
[ الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

??

??

??
فاضل عيدان
فاضل عيدان
Admin

عدد المساهمات : 54
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 19/03/2014
العمر : 39

http://ansaralmhdy.ahlamuntada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى